الخامس : وجوب اشتمال الإضافة المحضة على حرف جر أصلى (١) ، مناسب ، اشتمالا أساسه التخيل والافتراض ، لا الحقيقة والواقع ؛ فيلاحظ وجوده ، مع أنه غير موجود إلا فى التخيل ، أو : فى النية (٢) ـ كما يقولون ـ.
والغرض من هذا التخيل : الاستعانة بحرف الجر على توصيل معنى ما قبله إلى ما بعده ؛ كالشأن فى حرف الجر الأصلى (٣) ، وأيضا الاستعانة على كشف الصلة المعنوية بين المتضايفين ، (وهما : المضاف والمضاف إليه) ، وإبانة ما بينهما من ارتباط محكم ، وملابسة (أى : مناسبة) قوية لا تتكشف ولا تبين إلا من معنى حرف الجر المشار إليه (٤). بشرط أن يكون هذا الحرف خفيّا متخيّلا ، مكانه بين المضاف والمضاف إليه ، وأن يكون أحد ثلاثة أحرف أصلية ؛ هى : «من» ـ «فى» ـ «اللام» (٥).
__________________
(١) أما غير المحضة فالصحيح أنها لا تشتمل على حرف جر (خقىّ ملحوظ). وقيل : إنها تشتمل على «اللام» والأول هو الأرجح الذى يجب الاقتصار عليه.
(٢) هذا تعبير النحاة.
(٣) أوضحنا هذا فى باب حروف الجر ، ج ٢ م ٨٩ ص ٣٤٠.
(٤) يرى بعض النحاة أن الإضافة المحضة ليست على تقدير حرف خفى ، ولا على ملاحظة وجوده مع اختفائه. وحجته : أنه لو كان هناك حرف خفى ملحوظ ما وقع فرق فى المعنى بين : كتاب محمد ، وكتاب لمحمد ؛ فيتساوى المعنيان ، مع أنهما غير متساويين فى الواقع ، لأن كلمة : «كتاب» الأولى معرفة ، والثانية نكرة ؛ وفرق كبير فى المعنى بين المعرفة والنكرة.
وقد دفعوا حجته بمنع المساواة ؛ قائلين : إن المراد من كون الإضافة على معنى حرف ـ كاللام ، مثلا ـ مجرد ملاحظة معنى : «اللام». وهذه الملاحظة المجردة لا تمنع من تعريف المضاف ، ولا من تخصيصه ، على الوجه الآتى فى الحكم السادس ـ ص ٢٣ ـ ما دام حرف الجر مختفيا لا يظهر فى الجملة بين المتضايفين. أما إذا ظهر بينهما فإن الأمر يتغير ؛ فتخلو الجملة عندئذ من اسم المضاف والمضاف إليه ؛ لأن كلا منهما يفقد اسمه هذا بسبب ظهور حرف الجر ، ويزول ما كان يكتسبه المضاف من المضاف إليه من تعريف أو تخصيص ؛ حيث لا يوجد الآن إضافة مطلقا.
فمجرد الملاحظة لا يستلزم المساواة التامة بين «كتاب محمد» و «كتاب لمحمد» من كل وجه إذ المراد من «كتاب محمد» ، بمعنى : «كتاب لمحمد» ملاحظة معنى «اللام» فقط دون التصريح بها ، ودون منع تعريف أو غيره مما يستفيده المضاف من المضاف إليه. فالأمر مقصور على مجرد تفسير جهة الإضافة فى المثال المذكور وأشباهه ؛ من ناحية الملك ، أو : الاختصاص ، ونحوه ، ليس غير.
(٥) وبسبب هذا الأثر المعنوى ، مزيدا عليه الأثر الموضح فى الحكم السادس التالى ـ ص ٢٣ ـ سميت «إضافة معنوية» ـ كما سبق فى رقم ١ من هامش صفحة ٣ ، وكما سيجىء فى صفحة ٢٤.