عودة إلى الإضافة غير المحضة :
عرفنا (١) أن الإضافة غير المحضة : هى التى يغلب أن يكون المضاف فيها (وصفا (٢) عاملا) ، (وزمنه للحال ، أو : الاستقبال ، أو : الدوام). ومتى اجتمع الأمران ـ الوصفية العاملة ، والزمنية المعيّنة ـ كان المضاف مشتقّا يشبه مضارعه فى نوع الحروف الأصلية التى تتكون منها صيغتهما ، وفى المعنى ، والعمل ، وكذلك فى نوع الزمن ـ غالبا ـ وهذا كله يتحقق فى المضاف إذا كان اسم فاعل يعمل عمل فعله ، أو اسم مفعول كذلك ، فكلاهما وصف عامل ، زمنه للحال أو للاستقبال على حسب المناسبات. كما يتحقق فى الصفة المشبهة (٣) الأصيلة أيضا ؛ لأنها تعمل عمل فعلها اللازم ، وتفيد فى أكثر حالاتها الدوام والاستمرار ، وهذان يقتضيان أن تشتمل دلالتها على الأزمنة الثلاثة : (الماضى ، والحال ، والمستقبل) ، إذ لا يتحقق معنى الدوام والاستمرار بغير عناصره الأساسية الثلاثة.
فلا يمكن أن تكون للماضى وحده ـ وإلا كانت إضافتها محضة ـ ولا للمستقبل وحده. وكذلك لا يمكن أن تخلو من الدلالة على زمن الحال ؛ فلابدّ أن تشتمل الدلالة على الثلاثة ؛ المضى والحال والاستقبال ، إلا أن دلالتها على الحال أقوى تحققا ووجودا من دلالتها على غيره ، وبسبب هذا كانت إضافتها غير محضة فى رأى كثير من النحاة (٤) ...
أما باقى المشتقات غير ما ذكرناه هنا بقيوده ؛ من اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ـ فإضافته محضة ، لانطباق شروطها عليه ، دون شروط الأخرى. فمثال اسم الفاعل : يشكو راكب الباخرة اليوم بطئها بالنسبة للطائرة. وغدا يشكو راكب الطائرة بطئها بالنسبة «للصاروخ» ؛ فكلمة : «راكب» فى الجملتين مضافة. وهى فى الأولى اسم فاعل للزمن الحالى ، وفى الثانية اسم
__________________
(١) فى ص ٦.
(٢) أى : اسما مشتقا ...
(٣) فى هذا الجزء ـ ص ٢٨١ ـ باب خاص بها ؛ يبين خصائصها وأحكامها التى منها : أنها لازمة كفعلها ، وأنها تدل على الحال دائما وتدل معه على غيره ـ كما سيجىء ـ لأنها تفيد الدوام فى أكثر أحوالها ، والدوام يستلزم الحال ، مزيدا عليه زمن آخر.
(٤) بيان الرأى الحق فى هذه المسألة فى ص ٣٧.