لأن الصفة المشبهة تصاغ من الفعل اللازم ؛ فهى كفعلها لا تنصب المفعول به. فإذا وقع بعدها معمولها وكان نكرة منصوبا أعرب «تمييزا» ، أو : «شبيها بالمفعول به» ، وإن كان معرفة أعرب شبيها بالمفعول به ؛ كالكلمات الثلاث السالفة ؛ فإنها لا تصلح تمييزا ؛ لعدم تنكيرها. فضبطها بالنصب ـ مع جوازه ـ يؤدى إلى ما يسمى : «الشبيه بالمفعول به». وهذا النوع قد يختلط أمره على كثير ؛ فيقع فى وهمهم أنه مفعول به ، مع أنه ليس بالمفعول به الصريح.
وإذا كان الرفع والنصب قبيحين فى تلك الكلمات ـ ونظائرها ـ فإن الجر بالإضافة خال من ذلك القبح ، وفيه ابتعاد عما يستكره (١) كقول الشاعر :
وإذا جميل الوجه لم |
|
بأت الجميل فما جماله؟ |
ولما كانت فائدة هذه الإضافة مقصورة على التخفيف بحذف التنوين ونونى المثنى وجمع المذكر السالم ، من آخر المضاف ، وعلى التحسين المترتب على إزالة القبح ، وهما أمران لفظيان ـ سميت : «إضافة لفظية» ؛ لوقوع أثرها المباشر على الألفاظ دون المعانى ؛ إذ أنها ـ فى الأغلب ـ لا تؤثر فى المعانى ؛ كما سبق (فلا تفيد المضاف تعريفا ، ولا تخصيصا ، ولا تتضمن معنى حرف من حروف الجر الثلاثة المعروفة ...) وقد يسمونها ـ لهذا ـ : «الإضافة المجازية» (٢) ؛ لأنها لغير الغرض الحقيقى من الإضافة ، وهو الغرض المعنوى الذى أوضحناه.
أما تسميتها : «بغير المحضة» فلأن المضاف فيها لا بد أن يكون فى
__________________
(١) هذا تعليل نحوى. وهو ـ على حسن الشيوع؟؟؟ ـ ليس مقنعا. والتعليل الحق هو الاستعمال العربى المأثور ، الذى يتغلب فيه الجر على الرفع والنصب فى تلك الأمثلة ونظائرها. أما العرب أهل اللغة الأصيلة فلا علم لهم بشىء مما نحن بصدده ، (من مفعول ، وشبهه ، وعائد ، ورابط ، وصفة مشبهة ، .. و ...) ولو أنهم نطقوا بالمعمول مرفوعا أو منصوبا أكثر من نطقهم به مجرورا لكان التعليل الحق ـ لاستحسان الرفع والنصب ـ هو محاكاة العرب ، ليس غير.
(٢) كما أشرنا فى رقم ١ من هامش ص ٣ وفى ص ٢٣ ـ ويقولون : ليس المراد «بالمجازية» أنها بمعنى «المجاز» المعروف فى البلاغة ، الذى يحتاج إلى علاقة وقرينة ... وإنما المراد أنها إضافة فى الظاهر والصورة ، لا فى الحقيقة والمعنى.