الأغلب (١) وصفا عاملا ـ كما سبق ـ وأكثر الأوصاف العاملة يرفع ضميرا مستترا عند الإضافة. وهذا الضمير المستتر ـ برغم استتاره ـ يفصل بين الوصف المضاف ، ومعموله المضاف إليه ، ويجعل الإضافة غير خالصة الاتصال ، وغير متمكنة من أداء مهمتها بسبب الفاصل ؛ إذ الأصل الغالب فى الإضافة الأصيلة ألا يقع بين طرفيها فاصل يضعف قوة الارتباط والاتصال بينهما.
وشىء آخر ؛ هو أنه يمكن العدول عن الإضافة اللفظية ، بالرجوع إلى الأصل الذى كان قبلها من غير أن يتأثر المعنى ـ فى الأكثر ـ ؛ وذلك بجعل المضاف إليه معمولا مرفوعا ، أو منصوبا ، على حسب حاجة الوصف بعد إزالة تلك الإضافة ؛ ولهذا يصفونها بأنها على : «نية الانفصال» ، يريدون : أنها فى النية والتقدير ليست موجودة ، وليست ملحوظة ؛ لأن الذى يلحظ ويعتبر موجودا تتجه إليه النفس هو الأصل الأصيل ؛ ففى مثل : (الصديق خالص النصح) ـ بالإضافة ـ يكون التقدير الملحوظ فى النفس هو : (الصديق خالص النصح) ، والمعنيان متّحدان. ولكن الأسلوب الثانى الخالى من الإضافة هو الأصل الذى ينوى ويلاحظ ؛ بسبب اعتبار الوصف شبيها بالفعل فى بعض نواحيه التى منها العمل. والفعل يرفع دائما ، وقد يرفع وينصب ، وهو فى كل حالاته لا يعمل الجرّ ، فالأنسب فيما يشبهه أن يكون كذلك ، والمخالفة ـ لداع أقوى ـ هى مخالفة للأصل ، والداعى لها أمر طارئ له اعتباره ، ولكنه لا ينسينا الأصل الأول المكين ، ومن ثمّ كان هو الملحوظ مع وجود الإضافة غير المحضة ، وكانت معه على نية الانفصال (٢).
مما تقدم يتّضح ـ مرة أخرى ـ السبب فى تسمية النوع الأول : «بالإضافة المحضة» ، أو : «المعنوية» ، أو : «الحقيقية» (٣) وما يترتب على هذا من آثار مختلفة ، منها : عدم زيادة «أل» فى أول المضاف ، فى حين يجوز ـ أحيانا ـ
__________________
(١) انظر رقم ١ من هامش ص ٦.
(٢) ينطبق على هذا التعليل ما سبق فى رقم ١ من هامش الصفحة الماضية.
(٣) سبق إيضاح آخر لهذا فى رقم ١ من هامش ص ٣ وفى ص ٢٤. وص ٣٠.