زيادة وتفصيل :
(ا) تبنى النكرة المقصودة على الضمّ وجوبا إذا كانت غير موصوفة مطلقا (١) (أى : لا قبل النداء ، ولا بعده.) فإن دلت قرينة واضحة ـ أىّ قرينة ؛ لفظية ، أو غير لفظية ـ على أنها كانت قبله موصوفة بنعت مفرد ، أو غير مفرد ؛ فالأغلب الحكم بوجوب نصبها مباشرة ؛ إذ قد اتصل بها شىء تمّم معناها ، ولم تقتصر على لفظها وحده ، فدخل عليها النداء وهى متصلة بما يتممها ؛ وبسببه تخرج من قسم النكرة المقصودة إلى قسم الشبيه بالمضاف ، وهو واجب النصب ... مثال هذا أن تخاطب : (شاهدتك من بعيد قادما علينا ، يبدو أنك رجل غريب. فيا رجلا غريبا ستكون بيننا عزيزا.) فالنكرة المقصودة هنا منصوبة وجوبا ، على الرأى الأغلب ؛ لأنها كانت موصوفة قبل النداء ؛ بقرينة الكلام السابق عليها. ومن الأمثلة للنعت بالجملة أن تسمع : «سيزورنا اليوم وفد نعزه ...» فتقول : يا وفدا نعزّه نحن فى شوق لرؤيتك. ويصحّ : يا وفدا من بلاد عزيزة ... أو يا وفدا أأمامنا ـ إذا كانت الصفة قبل النداء شبه جملة. ومن هذا أبيات الشاعر التى أنشأها حين قيل له : هذا شراع وراء دجلة تعبث به الرياح ؛ فقال أبياته التى مطلعها :
يا شراعا وراء دجلة يجرى |
|
فى دموعى ، تجنبتك العوادى |
ومن الأمثلة المسموعة التى لها قرائن معنوية تدل على أن النكرة وصفت قبل النداء ما حكاه الفراء عن العرب فى مشهور بالكرم : يا رجلا كريما أقبل. وقوله عليه السّلام : يا عظيما (٢).
__________________
(١) فى هذه الصورة يصح وصف المعرفة بالنكرة ، (طبقا للبيان الآتى هنا وفى «د ـ ص ٢٩» وكذلك فى رقم ٨ من هامش ص ٤٢). ولا تبنى النكرة المقصودة التى من الأعداد المتعاطفة (ص ٣٣)
(٢) فى هذا المثال ـ وأشباهه ـ مما يقع فيه المنادى نكرة مشتقة متحملة الضمير وبعدها جملة ـ يرى ابن هشام إعراب هذه الجملة حالا من الضمير المستقر فى المنادى المشتق ، وليست نعتا ؛ لأن النعت ليس معمولا للمنعوت المشتق ويكون المشتق هو العامل الذى نصب جملة الحال ؛ فهى من معمولاته التى تتمم معناه. ويترتب على هذا عنده أن يكون المنادى من نوع الشبيه بالمضاف ، وليس من قسم النكرة المقصودة التى تنصب. بشرط ألا يثبت أن الوصف متأخر عن النداء ـ كما سبق ـ.
ويخالفه ابن مالك فى تلك الصورة فيرى أن الجملة نعت ـ برغم تنكيرها حكما ـ لا حال ، ولعل السبب عنده أن العامل فى النعت هو «يا» أو ما نابت عنه ، ولا شأن للمنادى بالعمل ؛ فليست الجملة من معمولاته ولا مما يقتضى أن يكون من قسم الشبيه بالمضاف. ورأى ابن مالك أوضح وأيسر ، ورأى ابن هشام أدق. ـ