يرجى لكل عظيم ، ويا حليما لا يعجل. وقول الشاعر :
أدارا بحزوى هجت للعين عبرة |
|
فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق |
فالرجاء فى الله وحلمه ثابتان قبل النداء ، وكذلك قيام الدار ووجودها قبل أن يناديها الشاعر. فالنكرات المقصودة فى الأمثلة السالفة وأشباهها منصوبة. وقيل اكتسبت هى وصفتها التعريف بسبب النداء ؛ لأن النداء حين جاء كانت الصفة والموصوف متلازمين مصطحبين ، فأفادهما التعريف معا ، وإن شئت فقل : إنه أكسب المنادى التعريف ، وسرى هذا التعريف فورا من المنادى الموصوف إلى صفته ، فالصفة هنا تتمة للمنادى فهى بمنزلة المعمول من العامل. ومن أجلها انتقلت النكرة المقصودة (١) إلى قسم الشبيه بالمضاف. وقيل إنها لا تنتقل للشبيه بالمضاف ، ولكن يحسن فيها النصب.
أما إذا دلت القرينة الواضحة على أن وصف النكرة المقصودة كان بعد النداء فإن المنادى يجب ـ فى الأغلب ـ بناؤه على الضّمّ ، ولا يصح نصبه ، بالرغم من وجود صفة له. ذلك أن النداء حين دخل على النكرة المقصودة لم تكن موصوفة ، فاستحقت البناء وجوبا. فإذا جاءت الصفة بعد ذلك فإنما تجىء بعد أن تمّ البناء على الضم وتحقق ، فلا تكون مكملة للنكرة المقصودة التكميل الأصلىّ الذى يخرجها إلى قسم الشبيه بالمضاف ، الواجب النصب. والمنادى فى هذه الصورة معرّف بسبب النداء والقصد مع أن صفته الطارئة بعد النداء قد تكون نكرة جوازا ؛ إذ لا مانع فى هذه الصورة من أن يوصف بالنكرة أو بما هو فى حكمها ـ كالجملة ـ لأن تعريف الموصوف هنا طارئ غير أصيل (٢). والتعريف الطارئ على المنعوت لا يوجب فى النعت المطابقة فيه. وإنما يجيزه ، فمخالفة المطابقة فى التعريف مغتفرة فى هذه الصورة ؛ (كما سيجىء) (٣).
__________________
ـ فإن كان المنادى نكرة جامدة فهى خالية من الضمير ، ولا مكان ـ فى الغالب ـ لمجىء الجملة أو شبهها حالا منه ، ويتعين إعرابها صفة.
(١) وفى ص ٣٣ صورة أخرى تنتقل فيها النكرة الموصوفة إلى قسم الشبيه بالمضاف
(٢) راجع الخضرى ، ثم التصريح وحاشيته ـ فى هذا الباب عند الكلام على النكرة المقصودة ـ ص ١٦٦ و ١٦٨ ـ وكذا غيرهما. وسبق إيضاح هذا لمناسبة أخرى فى باب «الإضافة» عند الكلام على أثر الإضافة غير المحضة (ج ٣ م ٩٣ ص ٢٩) ولها إشارة فى باب النعت أيضا (ج ٣ م ١١٤ ص ٣٦٥).
(٣) فى «د». أما الصفة التى سبقت مجىء النداء فمطابقة فى التعريف والتنكير للموصوف ، حتما ولا تتغير المطابقة بعد النداء.