زيادة وتفصيل :
(ا) يمتاز الحرف : «يا» بأنه أكثر أحرف النداء استعمالا ، وأعمّها ؛ لدخوله على أقسام المنادى الخمسة (١) ؛ ولهذا يتعين تقديره ـ دون غيره ـ عند الحذف. كما يتعين فى نداء لفظ الجلالة (الله) (٢) وفى المستغاث ، وفى نداء «أيّها ، وأيتها» ؛ إذ لم يشتهر عن العرب أنهم استعملوا فى نداء هذه الأشياء حرفا آخر.
(ب) يجوز مناداة القريب بما للبعيد ، والعكس ، وذلك لعلة بلاغية ، كتنزيل أحدهما منزلة الآخر ، وكالتأكيد (٣) ...
(ح) الأصل فى النداء أن يكون حقيقيّا ، أى : يكون فيه المنادى اسما لعاقل ؛ كى يكون فى استدعائه وإسماعه فائدة.
وقد ينادى اسم غير عاقل ، لداع بلاغىّ ؛ فيكون النداء مجازيّا ؛ كقوله تعالى (٤) : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي)(٥)) ...
وقول الشاعر :
يا ليل طل ، يا نوم زل |
|
يا صبح قف. لا تطلع |
وقد يقتضى السبب البلاغى دخول حرف النداء على غير الاسم ، كأن يدخل على حرف ، أو جملة فعلية ، أو اسمية. فمثال الأول قوله تعالى : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي ...) وقول الشاعر :
فيا ربّما بات الفتى وهو آمن |
|
وأصبح قد سدّت عليه المطالع |
ومثال الثانى قول الشاعر :
قل لمن حصّل مالا واقتنى |
|
أقرض الله ، فيا نعم المدين |
وقول الآخر يخاطب ليلى :
فيا حبّذا الأحياء ما دمت حيّة |
|
ويا حبّذا الأموات ما ضمّك القبر |
__________________
(١) ستأتى فى ص ٨.
(٢) فى نداء لفظ الجلالة (الله) جملة لغات ، ستجىء فى رقم ٢ من هامش ص ٣٥.
(٣) انظر ما يوضحه فى رقم ٢ من هامش ص ١ وفى ص ١١٨.
(٤) فى قصة طوفان نوح ـ عليه السّلام ـ الواردة بسورة : هود.
(٥) امتنعى وكفى عن إنزال المطر.