١ ـ النص أو السماع
هناك نصوص مشتركة بين الفقهاء والنحاة أهمها : القرآن والسنة ، ولكن يصعب أن نوحد بين مناهج البحث فيهما ، فيستعير النحاة كل ما وضعه الأصوليون من قواعد لأوجه دلالتها على المطلوب ، لأن هذا (المطلوب) ليس واحدا بين الطرفين ، ولا يكفي ما نقلناه عن ابن الأنباري من (أن كلا من النحو والفقه معقول من منقول) لأن جهة النظر العقلي فيهما مختلفة.
أ ـ القرآن :
والقرآن هو أهم الأدلة السمعية المشتركة ، وأهميته نابعة من كونه النص المتواتر وصوله إلى كل من النحوي والفقيه ، ولكن استفادة كل منهما من هذا الدليل المقطوع به تختلف باختلاف طبيعة المستدل عليه عندهما ، ونحن نسجل ذلك في النقاط الآتية :
١ ـ إن النحو يمكن أن يستنبط من كل آية في كتاب الله ، لأن طبيعة أحكامه تتعلق بلفظ القرآن ونظمه ، وليس الأمر كذلك بالنسبة للفقه ، لأن أحكامه لا تصدر إلا عن الآيات المتعلقة بأفعال المكلفين مما نسميه (آيات الأحكام) وهي لا تتجاوز خمسمائة آية.
فمصدر النحوي من القرآن إذن غير مصدر الفقيه.
لأن نظر هذا يتعلق بالشكل ، ونظر ذلك يتعلق بالمضمون.
ويحتج هذا بكل ما في كتاب الله ، ويحتج ذلك ببعض آياته.
ودلالة النص القرآني على المطلوب تختلف بين الفقيه والنحوي ، فهي عند النحوي (دلالة قطعية). وعند الفقيه (دلالة ظنية) ، لأن حكم النحوي برفع الفاعل ونصب المفعول مثلا ، لا يختلف بين أن تكون الآية (نصا) في مدلولها أو (ظاهر نص) ، ولكن حكم الفقيه يختلف بين النص الظاهر ، حتى اضطر الأصوليون لأن يبحثوا كثيرا في دلالات الصيغ من : الأمر ، والنهي ، والعموم