والخصوص ، والإطلاق والتقييد ، وفي دلالات التنبيه والإشارة ، والإيماء ، وفي مفاهيم الشرط ، والوصف ، والحصر ، والغاية وأمثال ذلك مما هو معروف ، وكل دلالاتها ظنية ، لأنها كلها من ظواهر الكتاب.
من أجل ذلك كان ينبغي أن تكون (قواعد الاستنباط) من هذا النص تختلف بين مستنبط ومستنبط.
٢ ـ إن مسألة اختلاف القراءات وحجيتها ، مسألة لا تبحث عادة في أصول الفقه ، وربما في الفقه إلا نادرا ، مثل جواز القراءة في الصلاة بإحدى هذه القراءات ، ولكن هذه المسألة مهمة جدا بالنسبة للنحوي ، لأن أكثر القراءات متواترة ومرفوعة إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وحتى لو افترضنا بأن القرآن لم ينزل إلا بواحدة منها ، تبقى الأخريات من أقوى الحجج النحوية ، لأنها نصوص عربية فصيحة ، ورواتها من الصحابة والتابعين قوم فصحاء ، وفي قمة العصر الذي يحتج به النحاة عادة.
ولكن النحاة ـ مع ذلك ـ لم يبحثوا في حجة القراءات ، ولم يحققوا فيها كما حقق الأصوليون في حجية الظواهر ، بل إن النحاة ـ وبخاصة نحاة البصرة ـ لم يجعلوا القراءات ـ مع تواترها ـ أولى بالاحتجاج من شواهدهم التي أقاموا عليها قواعدهم ، وردوا كثيرا منها متهمين أصحابها باللحن أو الشذوذ ، لأنها تخالف القاعدة التي بنوها على الشاهد والشاهدين ، وربما كان هذا الشاهد لشاعر مجهول ، أو امرأة من أسد أو تميم غير معروفة ، حتى انتقد ذلك الفخر الرازي (ـ ٦٠٦ ه) في أثناء شرحه لقوله تعالى في أول النساء : (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام وقراءة حمزة ومجاهد لها بجر (الأرحام) التي رفضها البصريون ، لأنها مخالفة لقاعدتهم بعدم جواز العطف على الضمير من غير إعادة حرف الجر ، وتجويز سيبويه لذلك مستشهدا ببيتين مجهولي القائل ، مثل :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيام من عجب |
بجر (الأيام) عطفا على (بك) فعلق الفخر الرازي : (والعجب من هؤلاء النحاة أنهم يستحسنون إثبات هذه اللغة بهذين البيتين المجهولين ، ولا