(٧٤٥ ه) حتى قال : «والمصنف قد أكثر من الاستدلال بما ورد في الأثر ، متعقبا بزعمه على النحويين ، وما أمعن النظر في ذلك ، ولا صحب من لم التمييز) (٣٤) كما رد على ابن مالك أبو إسحاق الشاطبي (٧٩٠ ه) وجلال الدين السيوطي (٩١١ ه) وغيرهم ، ولم ينح نحو ابن مالك في الاحتجاج بالحديث إلا قلة ، منهم ابن هشام (٧٦١ ه) والمحقق الرضي (٦٨٦ ه) فقد أضاف إلى الاحتجاج بسنة الرسول صلىاللهعليهوآله احتجاج بأقوال أهل البيت عليهمالسلام.
وبإهمال النحاة الاحتجاج بالسنة ، أفقدوا نحوهم أوسع مصادره الموثوقة ، واقتصروا على شواهد من الشعر والأمثال ، فوقعوا فيما وقعوا فيه من نقص الاستقراء ، في حين استفاد أصحابهم اللغويون من احتجاجهم بالسنة فأثروا معجماتهم بمفردات عربية سليمة.
٣ ـ إنهم لم يعتمدوا في تحقيق ما احتجوا به من شواهد الشعر والأمثال ، كما اعتمد الفقهاء والمحدثون في تحقيق السنة النبوية ـ سندا ومتنا ـ لذلك جاء الكثر من شواهدهم مجهول القائل والرواية ، بل وجد فيما احتجوا به نفس السببين اللذين أنكروهما على الأحاديث : وقوع التصحيف واللحن ... والنقل بالمعنى أحيانا ، كما أنهم لم يتحرجوا في الاحتجاج بما نقله مثل حماد الرواية الذي كان ـ كما يقول يونس ـ : (يلحن ، ويكسر الشعر ، ويكذب ، ويصحف) (٣٥) ، ويروى أن الكميت امتنع عن إملاء شعره عليه ، وقد طلب منه ذلك ، وقال له : (أنت لحان ولا أكتبك شعري) (٣٦).
وإذا كان الأمر كذلك ، فلم استعار واضعو هذه الأصول من أصحاب أصول الفقه كل ما قالوه في طرق حمل النص ، وثقة النقلة والرواة ، والتواتر ، والآحاد ، والمرسل ، والمجهول وأمثالها مما لم يلتزموا به في نقلهم لغة العرب ، الأمر الذي دعا الفخر الرازي إلى أن ينحو باللائمة على أصحابه الأصوليين ، لأنهم لم
__________________
(٣٤) الاقتراح : ١٩.
(٣٥) مراتب النحويين ـ لأبي طيب اللغوي ـ : ٧٣.
(٣٦) الموشح ـ للمرزباني ـ : ١٩٥.