ترجيح الرفع :
والرفع في غير الذي مرّ رجح |
|
فما أبيح افعل ودع ما لم يبح (١) |
هذا هو الذي تقدّم أنه القسم الرابع ، وهو ما يجوز فيه الأمران ويختار الرفع ، وذلك كلّ اسم لم يوجد معه ما يوجب نصبه ، ولا ما يوجب رفعه ، ولا ما يرجّح نصبه ، ولا ما يجوّز فيه الأمرين على السواء ، وذلك نحو : «زيد ضربته» فيجوز رفع زيد ونصبه ، والمختار رفعه : «لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار» (٢).
وزعم بعضهم أنه لا يجوز النصب ؛ لما فيه من كلفة الإضمار ، وليس بشيء ، فقد نقله سيبويه وغيره من أئمة العربية وهو كثير.
وأنشد أبو السعادات ابن الشجريّ في أماليه على النصب قوله :
١٧ ـ فارسا ما غادروه ملحما |
|
غير زميّل ولا نكس وكل (٣) |
__________________
(١) فما أبيح : ما اسم موصول في محل نصب مفعول به مقدم لا فعل. أبيح : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول ـ والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. افعل : فعل أمر وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنت.
(٢) في حالة الرفع لا يوجد إضمار لفعل محذوف. والكلام مبتدأ وخبره ـ جملة فعلية ـ أما في حالة النصب فإننا نجعل زيدا مفعولا به بفعل مضمر وجوبا يفسره المذكور بعده. لهذا كان الرفع أرجح مع جواز النصب.
(٣) قائلته امرأة من بني الحارث كما في ديوان الحماسة لأبي تمام. الفارس : راكب الفرس والمراد به هنا الشجاع الحاذق بأمر الخيل وركوبها. وما «بعده» : زائدة للتفخيم أي «فارسا أي فارس» ملحم : بصيغة اسم المفعول بضم الميم وفتح الحاء مع سكون اللام : القتيل في الحرب تأكل الطيور والسباع لحمه ، زميّل : بضم الزاي وتشديد الميم المفتوحة وسكون الياء : الضعيف. نكس : بكسر النون وسكون الكاف المقصر عن النجدة ومن لا خير فيه. وكل : بفتح الواو وكسر الكاف : العاجز يكل أمره إلى غيره.
المعنى : أنهم تركوا هذا الفارس العظيم وقد غشيته الحرب من كل جانب حتى صار