أما الكلام في الدين وفي الله تعالى فالكف أحب إلي " (١١).
وكان يقول زعيمهم أحمد بن حنبل : «لست صاحب كلام ، وإنما مذهبي الحديث» (١٢).
لكن الشيعة من هذه الفرقة ، وهم «المقلدة» (١٣) كانوا يأخذون العقائد من الكتاب وسنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام من الاستدلالات ، وفيها الكثير مما لم ينله السلفية من العامة لبعدهم عن الأئمة عليهمالسلام.
لكن المقلدة والسلفية يشتركون في أنهم لا يحاولون الاستدلال على شئ خارج عن النص ، ولا يجتهدون في المزيد من البحث والفكر فيما يرتبط بالعقائد.
والفرقة الثانية :
فأهل الحديث من العامة ، هم «الأشاعرة» يلتزمون بالعقائد التي تدل عليها الخصوص ، ويفسرونها حسب ما تدل عليها العبارات من الظواهر المفهومة لهم ، وبما يدركونه من المحسوسات ، حتى ما ورد فيها من أسماء الأعضاء المضافة إلى اسم الله ، كاليد ، والرجل ، والعين ، والوجه ، ولم يلجؤوا إلى تأويل ذلك عن ظاهره (١٤) ولذلك يسمون ب «المشبهة».
ويختلف الأشاعرة عن السلفية في تجويز هؤلاء البحث في الكلام ، وقد كان أبو الحسن الأشعري ـ وهو زعيم الأشاعرة ومؤسس مذهبهم ـ من أوائل الرادين على دعوة ابن حنبل رئيس السلفية في النهي عن الكلام ، إذ تصدى له في كتاب
__________________
(١١) الإعتصام ـ للشاطبي ـ : ٢ / ٢ ـ ٣٣٤ ، وانظر : مناهج الاجتهاد في الإسلام : ٦٢٤ ـ ٦٢٥.
(١٢) المنية والأمل ـ المطبوع باسم «طبقات المعتزلة» لابن المرتضى ـ : ١٢٥ ، وانظر : مناهج الاجتهاد في الإسلام : ٧ ـ ٥٠٨ و ٦٧٩.
(١٣) لاحظ عن «المقلدة» : الفصول المختارة : ٨ ـ ٧٩ ، وتصحيح الاعتقاد ـ للمفيد ـ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ طبعة النجف ، وعدة الأصول ـ للطوسي ـ ١ / ٧ ـ للطوسي ١ / ٧ ـ ٣٤٨.
(١٤) تأريخ الفرق الإسلامية ـ للغرابي ـ : ٢٩٧ ، وتاريخ المذاهب الإسلامية ـ لأبي زهرة ـ : ١٨٦.