بعنوان «رسالة في استحسان الحوض في علم الكلام» قال فيه. «إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم ، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين ، ومالوا إلى التخفيف والتقليد ، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين ، ونسبوه إلى الضلال ، وزعموا أن الكلام ... بدعة وضلالة» ثم تصدى لردهم بقوة (١٥).
أما أهل الحديث من الشيعة ، وهم «الأخبارية» فيعتقدون بلزوم متابعة ما ورد في النصوص والاعتماد عليها ، لكنهم يعتمدون على ما ورد في حديث أئمة أهل البيت عليهمالسلام من تأويل وتفسير لتلك النصوص ، كما يتبعون ما ورد عنهم من الاستدلالات العقلية ، ولذلك فإنهم يؤولون النصوص التي ظاهرها إثبات اليد والوجه والعين الله تعالى ، وينفون التشبيه ، تبعا لأهل البيت عليهمالسلام (١٦).
قال الشيخ الكركي (ت ١٠٧٦) ـ وهو من الأخبارية المتأخرين ـ عند البحث عن التقليد في أصول الدين : «والحق أنه لا مخلص من الحيرة إلا التمسك بكلام أئمة الهدى عليهمالسلام ، إما من باب التسليم ، لمن قلبه مطمئن بالإيمان؟ أو بجعل كلامهم أصلا تبنى عليه الأفكار الموصلة إلى الحق ، ومن تأمل نهج البلاغة ، والصحيفة الكاملة ، وأصول الكافي ، وتوحيد الصدوق ، بعين البصيرة ، ظهر له من أسرار التوحيد والمعارف الألفية ما لا يحتاج معه إلى دليل ، وأشرق قلبه من نور الهداية ما يستغني به عن تكلف القال والقيل» (١٧).
ويشترك الأشاعرة من العامة والأخبارية من الشيعة ، في رفض المحاولات العقلية ، والاحتجاجات الخارجة عن النص.
والفرقة الثالثة :
فالمعتمدون على العقل من العامة ، وهم «المعتزلة» يفترقون عن
__________________
(١٥) وردت الرسالة كاملة في : مذاهب الإسلاميين ـ للبدوي ـ ١ / ١٥ ـ ٢٦.
(١٦) أنظر : مقدمة «التوحيد» للصدوق : ص ١٧ ، طبعة طهران.
(١٧) هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار : ١ ـ ٣٠٢.