العامة : «ويراد به إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب ، وصدورهم جميعا عن خطأ أو اشتباه أو خداع حواس ، على أن يجري هذا المستوى في الأخبار في جميع طبقات الرواة حتى الطبقة التي تنقل عن المعصوم مباشرة» (٥).
ولكن ربما يلاحظ عليه أنه لم يذكر ما ذكره العلماء في التعريف ، من شرط العادة إذ يلزم إضافة (يمتنع عادة) ، وسيأتي ضرورة إضافة هذا القيد.
ولعل عدم ذكر العلماء لعناصر الخبر المتواتر كلها في التعريف أنه ليس من شأن التعريف أن تذكر فيه كل أحكام المعرف وعناصره وشروطه ، وإنما تعطى فكرة عنه في التعريف ، ويبحث عن أحكامه وشروطه في مسائله.
حصول العلم من التواتر
يشترط في الخبر لمتواتر ـ كما رأينا في التعريف ـ أن يفيد العلم بصدقه ، فإذا أدى إلى العلم يكون حجة ، لأن حجية العلم لا تحتاج للمواضعة والاعتبار.
والتواتر بمعنى كثرة الناقلين للخبر ، يفيد العلم بطبيعته ، ولا تختص هذه الظاهرة بالأخبار الشرعية ، بل إنها تشمل الأخبار العرفية أيضا ، فيما لو كثر الناقلون الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب ، لحادثة واحدة ، فإنها تحقق العلم ، ويمثل له عادة بما لو أخبرت مثل هذه الجماعة عن وجود بلد ما ، فإنه يحصل للسامع اليقين بوجود مثل هذا البلد.
ويدور بحثنا حول السبب في حصول العلم من التواتر ، فلماذا يحصل العلم واليقين من الخبر المتواتر ، بينما لا يحصل إلا الظن من الخبر الواحد؟.
وقد درس علماؤنا ـ منذ زمان طويل ـ ظاهرة حصول العلم من التواتر دراسة معمقة ، ونستعرض هنا بعض أحاديثهم في هذا المجال ، ونترك التوسع لمن
__________________
(٥) الأصول العامة للفقه المقارن : ١٩٤.