أراد التوسع.
وبإيجاز فإنهم يعتمدون على (تراكم الظنون) ، في تفسير حصول العلم من التواتر ، وهناك الكثير من العلماء تعرضوا لهذه الفكرة ، وما نذكره عنهم هنا قليل من كثير ، فهناك الكثير من الأقوال حولها. يضيق المجال لو تتبعناها كلها ، والملاحظ أن بعض علمائنا يذكرون هذه الفكرة في البحث عن حجية الاجماع أيضا ، حيث أن الاجماع والخبر المتواتر يشتركان في الاعتماد على فكرة تراكم الظنون ، في إفادة العلم ، وإن ناقشوا في صحة الاستدلال بها في الاجماع ، لأن الاجماع من الإخبار عن أمر حدسي ، بينما يشترط في التواتر أن يكون الإخبار عن أمر محسوس ، ولكن اللهم أنهم يذكرون هذه الفكرة أيضا في بحث الاجماع.
ونستعرض الآن هذه الأقوال بحسب التسلسل الزمني :
يقول المحقق الحلي في المعارج : «وتحقيقه : أنا إذا سمعنا بخبر عن واحد ، فقد أفادنا ظنا ، ثم كلما تكرر الإخبار بذلك قوي الظن حتى يصير الاعتقاد علما» (٦).
ويقول الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي : «فسبيله ـ أي سبيل العلم من التواتر أن نراقب أنفسنا ، فإذا أخبرنا بوجود شئ خبرا متواليا ، فإن قول الأول يحرك الظن ، وقول الثاني والثالث يؤكده ، وهلم جرا ، إلى أن يصير ضروريا» (٧).
والوحيد البهبهاني في كتابه الفوائد يقول في وجه حجية الاجماع : " وأيضا إذا رأينا فتوى من فقيه ماهر متشرع بشرع النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، يحصل في نظرنا رجحان بأن فتواه هذه حق ، وإن كنا نجوز الخطأ عليه ، لكن ليس وجود هذه الفتوى بعينها كعدمها من دون التفات أصلا ، ولذا يحصل لمقلد المجتهد ظن بحقية
__________________
(٦) معارج الأصول : ١٣٩.
(٧) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ٩٢.