فتواه بالبديهة ، بل ظن قوي بحيث يطمئن له ويعمل به ويجعله حكم الله تعالى في عباداته ومعاملاته ، وليس فتوى المجتهد مثل عدم الفتوى على السواء بالبديهة ، ومن يدعي ذلك فلا شك في أنه مكابر ، وإذا كان الراجح طرف الحقية ، فمع موافقته فتوى فقيه آخر وانضمامه ، يتقوى الظن والرجحان ، لأن بنفس الفتوى يحصل رجحان ، وبالانضمام والموافقة رجحان آخر ، وهكذا إذا انضم معه فتوى آخر يحصل رجحانات ، وهكذا إلى أن يصل إلى حد العلم ، كما هو الشأن في الخبر المتواتر» (٨).
فهو يقر بأن حصول العلم من الخبر المتواتر إنما يتم وفق هذه الطريقة ، ويدرس بعمق كيفية حصول الظن ، ثم العلم ، من الفتاوى والأخبار الكثيرة.
ويقول الشيخ النراقي حول حجية الاجماع : «وقد يستتم هذه الطريقة بنظير ما يقال في الخبر المتواتر من حصول الظن من كل واحد واحد إلى أن ينتهي إلى القطع من تراكم الظنون واجتماعها» (٩).
وينقل الآشتياني عن المحقق التستري ، في وجه حجية الاجماع ، أنه يفيد العلم بسبب «توارد الظنون الموجب لذلك كما في التواتر» (١٠).
فهو يعبر عن هذه الفكرة ب (توارد الظنون) بينما يعبر عنها الشيخ النراقي ب (تراكم الظنون).
ويذكر الآشتياني أيضا : (ثم إني قد وقفت بعد تحرير المقام على النسق الذي عرفت ، على كلام لبعض أفاضل المتأخرين في وجه كشف الاجماع عن قول الإمام ـ عليهالسلام ـ بحكم العادة القطعية يرجع حاصله : إلى أن من إفتاء كل واحد من العلماء يحصل الظن إما بالحكم الواقعي المستلزم للظن بحكم الإمام ـ عليهالسلام ـ بعد العلم الاجمالي بصدور حكم الواقعة عنه ـ عليهالسلام ـ ، أو بالحكم الصادر عنه
__________________
(٨) فوائد الوحيد : ١٨٤.
(٩) عوائد الأيام : ٢٣٨.
(١٠) بحر الفوائد في شرح الفرائد : ١٢٤.