ابتداءا ، من حيث أن همتهم مصروفة في إدراك الحكم الصادر عنه ـ عليهالسلام ـ ، ومن جودة أنظارهم وقوة أفكارهم ، وشدة ملكاتهم ، يحصل الظن من إفتاء كل واحد لا محالة ، ومن تراكم الظن وكثرته يحصل القطع بقول الإمام ـ عليهالسلام ـ.
وهذا الوجه وإن ذكره في تقريبات إثبات الطريقة المعروفة بين المتأخرين ، إلا أنه كما ترى منظور فيه من حيث أن خطأ الأنظار في المسائل العلمية النظرية ـ وإن توافقت وتراكمت ـ لا تحيله عادة أصلا ، غاية ما هناك حصول الظن أو التقوي منه» (١١).
فهو يناقش في تطبيق هذه الطريقة في خصوص الاجماع ، وفي نقل المسائل العلمية النظرية ، الذي لا يزول منها احتمال الخطأ في الاستدلال.
وقد تعرض الشيخ هادي الطهراني في الجزء الأول من كتابه (محجة العلماء) لهذه الفكرة بصورة أكثر تفصيلا في عدة مواضع ، فإنه يذكر في كيفية حصول الاطمئنان والعلم «والحاصل أن الاحتمال وإن كان موجودا في الظن ، وإن بلغ من القوة أقصاها ، لكن كلما يزداد الرجحان قوة يزداد الاحتمال المخالف ضعفا ، ومن المعلوم اختلاف الآثار باختلاف الدرجات لاختلاف المعلول باختلاف العلة».
والملاحظ أنه يفرق بين الاطمئنان ، وبين القطع ، في درجة الرجحان وفي الآثار المترتبة على كل منهما ـ وسيأتي توضيح هذا الفرق ـ ، وتراكم الظنون يؤدي أولا إلى حصول الاطمئنان ، وبعد أن تكثر الظنون يؤدي للقطع.
والملاحظ أيضا أنه يذكر المعادلة في القوة والضعف ، فكلما يقوى الاحتمال الموافق ، يضعف ـ بتلك النسبة ـ الاحتمال المخالف.
ويقول الشيخ هادي الطهراني أيضا حول ظاهرة تراكم الظنون في تفسير
__________________
(١١) بحر الفوائد في شرح الفرائد : ١٢٦.