كما قد ينكر بعض الأفراد بعض الضروريات لشبهات في أذهانهم ، كإنكارهم لاستحالة اجتماع النقيضين ، كما ذكروا ذلك في مناقشة السمنية ، وهي طائفة دهرية تنكر حصول العلم من التواتر.
فالمقصود من العلم العادي الذي يلزم توفره في تحقق التواتر وصدقه ، هو العلم الحاصل للذهن العادي ـ لا الذهن غير العادي كالقطاع ـ أو كالشخص المتلبس بالشبهات.
يقول صاحب الجواهر : «نعم ، قد يشتبه على بعض المتشرعين فيتخيل الظن الغالب علما ، كما أنه قد يقطع مما لا يفيد القطع ، خصوصا إذا انضم إليه بعض الأغراض النفسانية ، بخلاف العلم الحاصل بالأمور المفيدة له عرفا عند المستقيمين الخالين من الأغراض الذين لهم قابلية النقد والتميز بين المراتب ، فإنه لا يتخلف غالبا ، واتفاق تخلفه غير قادح ، كما أنه قد يتخلف العلم بالحس لاشتباه ونحوه» (٢٠).
ويجب أن يعلم أن كلامنا هو في تحقق التواتر وصدقه على الخبر ، لا في حصول العلم من الخبر أو عدمه ، أو في حجية هذا العلم.
٢ ـ إنهم يفرقون بين الاستحالة العادية والاستحالة العقلية الذاتية ، ويمثل للاستحالة العقلية باجتماع النقيضين ، حيث يكون ممتنعا في ذاته ، وأن العقل ـ بما هو عقل ـ يحكم باستحالة ، وأما الاستحالة العادية فيمثل لها بالطيران في الهواء بدون واسطة ، أو الصعود إلى السطح بدون سلم ، فإنه وإن أمكن عقلا وفي ذاته ، إلا أنه غير ممكن عقلا في نطاق العادة وحدودها ، ولعله على هذا الأساس أرجع صاحب الكفاية المقدمة العادية للمقدمة العقلية في بحث المقدمة.
والخبر المتواتر مفيد لليقين عادة ، أي في حدود العادة لا يخطر احتمال الخلاف ، وفي حدود العادة يقطع بصدق الخبر المتواتر ، وإن هناك ملازمة عادية
__________________
(٢٠) الجواهر ٤١ / ١٣١.