٢ ـ المتواتر المعنوي : أن يتفق الجميع على نقل المدلول والمضمون الواحد ، وإن اختلفت الألفاظ الدالة على ذلك المدلول الواحد ، سواء كانت دلالتها على ذلك المدلول الواحد المشترك بالدلالة المطابقية أو التضمنية أو الالتزامية ، ومثل له بالأخبار التي تخبر عن شجاعة الإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، حيث تنقل حروبه وحكايات بطولته بمختلف أساليب التعبير والقضايا عن ذلك اللازم الواحد وهو الشجاعة ، بحيث تفيد بمجموعها الجزم بتحقق ذلك.
فلا يشترط في التواتر المعنوي اتفاق الأخبار على المعنى الواحد ، فإن كل خبر يختلف بلفظه ومعناه المباشر عن الآخر ، ولكن كل الأخبار تدل على مدلول واحد ، تستهدفه وتقصده ، وكلها تدور حول محور واحد ، كما في أخبار الشجاعة ، فربما كان خبر منها ينقل حكاية تختلف عن الحكاية التي ينقلها الخبر الآخر فتختلف الأخبار بألفاظها ومعانيها ، ولكنها كلها تدور حول محور واحد وهو الشجاعة ، وتستهدفه وتدل عليه. إذا فكل خبر يحكي عن واقع ، وكل خبر وواقع ليس متواترا ومقطوعا في نفسه لأنه خبر واحد ، ولكن كل الأخبار والوقائع تدل على أمر ولازم واحد نقطع بثبوته خارجا وقد ذكرت للتواتر المعنوي أقسام عديدة ذكرها المحقق القمي ، وتعرض لها الشيخ المامقاني في «مقباس الهداية».
٣ ـ التواتر الاجمالي : بأن تنقل جماعة كبيرة أخبارا كثيرة متعددة مختلفة في اللفظ والمعنى والمدلول ، ولكن نتيقن بصدق بعضها ، فلا تخبر عن ألفاظ معينة أو مضمون واحد ، ولكن نتيقن بأن هذه الأخبار الكثيرة المختلفة لا يمكن أن تكون جميعها كاذبة ، بل لا بد أن يكون بعضها صادقا وصادرا ، ولكن هذا البعض المعلوم الصدق والصدور غير واضح ومتميز بشخصه ، بل إنه معلوم بالإجمال ، فنعلم إجمالا بصدق بعضها وإن لم يتحدد بعينه.
وهذه الظاهرة لا تختص بالروايات الشرعية المنقولة عن المعصومين ـ عليهمالسلام ـ بل إنها تشمل الأخبار التاريخية والعرفية أيضا ، فلو نقل ألف شخص أخبارا متعددة ، مختلفة في مدلولاتها ، وكل واحد منها لا يفيد الجزم بصدقه