لوحده ، ولكن نعلم إجمالا بأن البعض منها صادق ، إذ لا يمكن أن تكون كل الأخبار المنقولة من الصباح والمساء كاذبة ، ولا يمكن أن يتفق الجميع مع كثرتهم واختلافهم على الكذب أو الخطأ عادة ، إذا فيكون بعضها صادقا وإن لم نحدده.
ويمثل له بالروايات المذكورة في كتب الحديث ، فإنها وإن اختلفت لفظا ومعنى ومدلولا ، ولكن نعلم بصدور بعضها إجمالا ، إذ يقطع الإنسان بعدم اتفاق الجميع على وضع هذه الأحاديث والكذب أو الخطأ في نقلها مع اختلافهم ، إذ يستحيل تواطؤهم على ذلك ، فهذه الحالة توجب الجزم بصدور البعض منها إجمالا.
وفي التواتر الاجمالي قالوا بالأخذ بالقدر الجامع بين الأخبار ، الذي هو الخبر المشتمل على أخص المضامين كلها فيما لو وجد مثل هذا الجامع بينها ، وإنما يؤخذ بالقدر المتيقن الجامع لأنه أخص الجميع.
فكل الأخبار تقول بذلك الجامع ، ويحصل العلم به لو بلغ عدد الأخبار حدا يقطع بعدم تواطئهم على الكذب ، فثبت به الجامع بين الكل ، وهو العنوان الذي تنطبق عليه جميع العناوين ، ومقتضى تواترها الإجمالي هو حجية خبر من أخبار الحجية هو أخص من الكل مضمونا وأضيقها دائرة ، فإنه القدر الجامع بين الكل ، وهو الذي توافقت عليه الأخبار وأطبقت على صحة مؤداه " (٢٧).
إذن فمقتضى التواتر الإجمالي هو الأخذ بالخبر الواجد لجميع الخصوصيات باعتبار كونه القدر المتيقن منها.
ويمثل له في علم الأصول بالأخبار الدالة على حجية الخبر الواحد ، فإنها لا تتفق على ألفاظ معينة أو تستهدف معنى واحدا ، ولكن هناك قدر جامع بين الجميع ، وهذه الأخبار بالغة حد التواتر الإجمالي " ومقتضاه الالتزام بحجية الأخص منها المشتمل على جمع الخصوصيات المذكورة في هذه الأخبار ، فيحكم
__________________
(٢٧) يلاحظ. عناية الأصول ٣ / ١٩٤ و ٢٤٣.