بحجية الخبر الواحد لجميع تلك الخصوصيات باعتبار كونه القدر المتيقن من هذه الأخبار الدالة على الحجية " (٢٨).
ولعل هذا المصطلح ـ وهو مصطلح «التواتر الإجمالي» ـ إنا وضع للاستدلال على حجية الخبر الواحد بالروايات بمعنى القطع بصدور بعضها وإن لم يتميز بعينه.
وفكرة التواتر الإجمالي لعلها كانت موجودة ـ كفكرة ـ في أذهان علمائنا ، لضرورة انتهاء الحجية إلى دليل قطعي عليها وعدم إمكان الاستدلال على حجية الخبر الواحد بالخبر الواحد بينما نرى بعض العلماء السابقين ـ كالشهيد الثاني ـ يقسمون الخبر المتواتر إلى قسمين : اللفظي والمعنوي.
وأما التواتر الإجمالي ـ كمصطلح ـ فقد رأيته في كتاب «بحر الفوائد» للشيخ الآشتياني ـ تلميذ الشيخ الأنصاري ـ ولعل هناك من سبقه في هذا الاصطلاح ، إلا أن الملاحظ أن الشيخ الآشتياني قد ألحق التواتر الإجمالي بالتواتر المعنوي.
ويحتمل أن يكون كلام الشيخ الأنصاري مشيرا إلى فكرة التواتر الإجمالي ـ وإن لم يذكر هذا المصطلح ـ حيث ذكر التواتر ، وذكر القدر المتيقن من هذه الأخبار المتواترة ، يقول في الرسائل حول الاستدلال بالسنة على حجية الخبر الواحد : «... إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد من مجموعها رضى الأئمة بالعمل بالبخر وإن لم يفد القطع ، وادعى في الوسائل تواتر الأخبار بالعمل بخبر الثقة ، إلا أن القدر المتيقن منها هو خبر الثقة الذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتني به العقلاء» (٢٩).
والملاحظ أن الشهيد الثاني وصاحب القوانين وحواشيه عبروا عن التواتر المعنوي ما يحصل منه العلم بالقدر المشترك (٣٠) ويمكن حمل كلام الشيخ عليه ،
__________________
(٣٨) مصباح الأصول ٢ : ١٩٣.
(٢٩) الرسائل : ٨٧.
(٣٠) القوانين : ٤٢٦.