ومعنى ، لوضوح اختلافها بألفاظها ومضامينها ، وإن كان بينها قدر مشترك كما لا يحق ، ضرورة أن وجود القدر المشترك بينها لا يوجب تواتر الأخبار بالنسبة إليه ، ما لم يحرز أن المخبرين بصدد الإخبار عن معنى واحد ، وأن اختلافهم إنها هو يكون في خصوصياته ، كيف والأخبار الكثيرة المتفرقة يكون بين مضامينها قدر مشترك لا محالة ، ولا يفيد كثرتها القطع به أصلا.
لأنا نقول : وجه الاستدلال إنما هو تواترها على نحو الاجمال بمعنى أن كثرتها يوجب القطع بصدور واحد منها ، وهو كاف حجة على حجية الخبر الواحد في الجملة في قبال نفي حجيته مطلقا ، وقضيته الاقتصار على اعتبار خصوص ما دل على اعتباره من أنحاء خبر الواحد مثل خبر العدل أو مطلق الثقة أخص الطائفة التي علم بصدور واحد بينها مضمونا " (٣٤).
بينما يفسر التواتر المعنوي «ما أحرز فيه أن المخبرين بصدد الإخبار عن معنى واحد» بحيث يستهدف ويقصد المخبرون الإخبار عن معنى واحد ، وبذلك يحصل القطع بذلك المعنى الواحد المقصود لتحقق التواتر فيه ، وأما في التواتر الإجمالي فلا يشترط توفر ذلك فيه ، بل إن كثرة الأخبار نفسها توجب القطع بصدور خبر واحد منها ، ومقتضاه اعتبار الخبر الأخص مضمونا من الجميع ، فلا يشترط فيه كون المخبرين بصدد الإخبار عن معنى واحد.
وفي كتابه «الكفاية» يذكر هذه الفكرة أيضا بصورة أكثر إيجازا ، فيقول حول الموضوع نفسه : «إلا أنه يشكل الاستدلال بها على حجية أخبار الآحاد ، بأنها أخبار آحاد غير متفقة على لفظ ولا على معنى ، فتكون متواترة لفظا أو معنى ، ولكنه مندفع : بأنها وإن كانت كذلك ، إلا أنها متواترة إجمالا ، ضرورة أنه يعلم إجمالا بصدور بعضها منهم ـ عليهمالسلام ـ ، وقضيته وإن كان حجية خبر دل على حجية أخصها مضمونا ، إلا أنه يتعدى عنه فيما إذا كان بينها ما كان بهذه.
__________________
(٣٤) حاشية الآخوند على الرسائل : ٦٩.