٣ ـ «استواء الطرفين والواسطة في العدد وأوصاف الرواة» (٤١) ، فيلزم أن تبلغ كل طبقة من طبقات سلسلة السند ـ إذا كانت للخبر طبقات ولم ينقل للسامع بالمباشرة ـ العدد الذي يفيد العلم ، وأن يكون المستند لكل طبقة هو الحس في النقل ، إذا فلا بد أن تكون كل طبقات السند مشتركة بكل ما يعتبر في المخبرين من شروط.
٤ ـ أن لا يكون للسامعين علم مسبق بما أخبروا به ، وذلك لأن الخبر المتواتر هو طريق لحصول العلم ، فإذا كان السامع عالما بمضمون الخبر مسبقا فلا يزيده الخبر المتواتر علما ، وقد ذكر الشهيد الثاني هذا الشرط في البداية فقال : «انتفاء العلم المستفاد منه اضطرارا عن السامع ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، وتحصيل التقوية أيضا محال ، لأن العلم يستحيل أن يكون أقوى مما كان» (٤٢) فإن هذا الخبر المتواتر لو استهدف إفادة العلم فهو تحصيل حاصل وهو مستحيل لوجود العلم مسبقا لدى السامع ، وأما لو استهدف تقوية ذلك العلم المسبق فإن اليقين ليس من الأمور المشككة التي تتفاوت في الشدة والضعف ، ويفهم منه أن مراده من العلم الذي ينتجه التواتر ليس مجرد الوثوق والاطمئنان ، فإن الاطمئنان من الأمور المشككة التي تختلف بالشدة والضعف ، والذي لا يقبل التشكيك هو العلم بمعنى اليقين. الذي ينتفي معه احتمال الخلاف تماما ، كما أشرنا لهذه الفكرة سابقا ، والملاحظ أن هذا الشرط شرط لحصول العلم لا لتحقق التواتر.
٥ ـ «أن لا تسبق شبهة إلى السامع وتقليد ينافي موجب خبره بأن يكون معتقدا نفيه» (٤٣) فيلزم أن لا يكون لدى السامع اقتناع واعتقاد بالمعتقدات المخالفة لمضمون الخبر المتواتر ، وقد حصلت هذه المعتقدات نتيجة شبهات أو تقاليد تحكمت في نفسه وسيطرت على مشاعره بحيث يرى خطأ كل ما يخالفها ، ومن هنا لا
__________________
(٤١) معالم الأصول.
(٤٢) شرح البداية : ٦٤.
(٤٣) شرح البداية : ٦٤.