يحصل له العلم من الخبر المتواتر ، بينما يحصل العلم من هذا الخبر المتواتر نفسه لأولئك الذين لم يبتلوا بمثل هذه الشبهات والتقاليد والمعتقدات
يقول الشهيد الثاني : «وبهذا الشرط ، يحصل الجواب لمن خالف الإسلام من الفرق ، إذا ادعى عدم بلوغه التواتر بدعوى نبينا ـ صلىاللهعليهوآله ـ النبوة وظهور المعجزات على يده موافقة لدعواه ، فإن المانع لحصول العلم لهم بذلك دون المسلمين سبق الشبهة إلى نفيه وبهذا أجاب السيد عن نفي من خالفه تواتر النص على إمامة علي عليهالسلام ، حيث أنهم اعتقدوا نفي النص لشبهة» (٤٤) فإنما لم يحصل لهؤلاء الخالفين العلم بالرغم من كون الخبر متواترا ـ ومن طبيعته إفادة العلم ـ وذلك للشبهات والمعتقدات المنحرفة والضالة المتحكمة في نفوسهم والمسيطرة على مشاعرهم والمخالفة لمضمون الخبر ، وهي التي منعت من حصول العلم لهم بالأخبار المتواترة عن المعجزات.
إذا فيلزم على الإنسان أن يطهر نفسه من تأثير الشبهات والمعتقدات والتقاليد المتحكمة ليحصل له القطع من الأخبار المتواترة ، وبذلك تكون رؤيته موضوعية للأخبار.
يقول المحقق القمي في القوانين : «وكذلك كل من أشرب قلبه حب خلاف ما اقتضاه التواتر لا يمكن حصول العلم له إلا مع تخليته عما شغله ذلك إلا نادرا» (٤٥).
وليست هذه الظاهرة مختصة بالمتواترات ، بل إنها شاملة لسائر البديهيات والضروريات ، فقد لا يحصل اليقين لأحد بأمر ضروري فيما لو تحكمت شبهة ما في نفسه منافية لذلك الأمر الضروري.
وقد اعترض في الفصول على هذا الشرط بأنه ليس شرطا في تحقق التواتر ، بل إنه شرط في إفادة التواتر للعلم ، فإن التواتر يتحقق بمثل هذا الخبر ، ولكنه لا
__________________
(٤٤) شرح البداية : ٦٤ ويراجع : الذريعة ، للسيد المرتضى ٢ / ٤٩١.
(٤٥) القوانين : ٤٢٦.