يفيد العلم لأمثال هؤلاء الذين تحكمت في نفوسهم هذه الشبهات والتقاليد وقد علق الملا صالح المازندراني في تعليقته على المعالم على هذين الشرطين ـ الرابع والخامس ـ : «واعلم أن بعض الأصوليين لم يذكروا هذا الشرط والشرط الآتي ، بل اقتصروا على ذكر الثلاثة المذكورة لأن غرضهم ذكر ما هو شرط لانعقاد التواتر وتحققه وهما شرطان لإفادة العلم» (٤٦) وقد أكد على ذلك سلطان العلماء أيضا وأشير لذلك في حاشية على القوانين حيث قال : «ولا يذهب عليك أن هذا الشرط مع سابقه ، أعني عدم سبق علم السامع بالحكم على استماع الخبر معتبران في تأثير المتواتر في العلم فعلا لا في تحقق ماهيته ، بخلاف الشروط الراجعة إلى المخبرين ، فإنها معتبرة في تحقق الماهية» (٤٧).
٦ ـ يلزم أن يستند حصول العلم بالخبر المتواتر للكثرة العددية للمخبرين فحسب ، وأما لو استند حصول العلم القرائن خارجية أو داخلية فلا يكون من الخبر المتواتر ، فإن الخبر الواحد ـ أيضا ـ ربما أفاد العلم والقطع فيما لو اقترن ببعض القرائن.
٧ ـ أن يزول احتمال الخطأ أيضا بالإضافة لزوال احتمال الكذب بسبب الكثرة العددية ، فلو زال احتمال الكذب فحسب وبقي احتمال الخطأ فلا يحصل العلم من الخبر المتواتر ، ومن هنا يلاحظ على التعريف الذي يذكر للخبر المتواتر حيث يذكر احتمال الكذب وحده دون الخطأ ، وكان يلزم ذكره أيضا ، كما لاحظ ذلك بحق الشيخ محمد رضا المظفر في كتابه «المنطق» حيث ذكر في تعريف المتواترات : «يمتنع تواطؤهم على الكذب ، ويمتنع اتفاق خطئهم في فهم الحادثة» ، ثم يعقب على الشرط الثاني : «هذا القيد الأخير لم يذكره المؤلفون من المنطقيين والأصوليين وذكره ـ فيما أرى ـ لازم ، نظرا إلى أن الناس المجتمعين كثيرو ما
__________________
(٤٦) المعالم : ١٨٥.
(٤٧) القوانين : ٤٢٥.