يخطأون في فهم الحادثة على وجهها ، حينما تقتضي الحادثة دقة الملاحظة» (٤٨).
فالعلم لا يحصل وجدانا من الخبر المتواتر ما لم ينتف احتمال الكذب واحتمال الخطأ وخداع الحواس والاشتباه ، وقد التفت صاحب الفصول لذلك حيث يذكر في الشروط : «ومنها أن يبلغ المخبرون في الكثرة حدا يمنع كذبهم أجمع عادة ولو على سبيل السهو والخطأ» ، كما أنهم ـ في الاجماع ـ يذكرون أن السبب في عدم تأثير التواتر في الاجماع هو وجود احتمال الخطأ كما ذكرناه ، وقد ذكرنا الفرق بين نقل الأمر الحسي والحدسي وتأثيره في زوال احتمال الخطأ والاشتباه.
ولعل السيد المرتضى كان ملتفتا لهذا الشرط فذكر في الذريعة من شروط حصول العلم من التواتر : «أن يعلم أن اللبس والشبهة فيما أخبروا عنه زائلان» كما أنه التفت إلى شرط آخر وهو العلم بعدم تواطؤ المخبرين على الكذب (٤٩) ، فلو علم أو احتمل تواطؤهم على الكذب ، فلا يحصل العلم للسامع ، ولكن الملاحظ أن الكثرة العددية بنفسها تزيل احتمال الاشتباه أو التواطؤ على الكذب إلا أن توجد قرائن تدل عليهما ، فلا يحصل العلم وجدانا.
وتذكر للتواتر شروط أخرى ناقشها العلماء :
يقول في الفصول : «وقد يشترط في التواتر أن يكون المخبرون من أهل بلدان مختلفة ، واعتبر بعض اليهود أن لا يكونوا من أهل دين واحد ، وهما بمكان من الضعف والسقوط» ، فإننا نرى حصول العلم وجدانا من نقل مخبرين تحرز عدم تواطئهم على الكذب ، سواء كانوا من دين واحد أو أديان متعددة ، أو من بلد واحد أو بلدان متعددة.
والملاحظ أن هذين الشرطين وإن لم يلزم توفرهما في تحقق التواتر وحصول العلم منه ، ولكنهما لو توفرا فسيكون لهما تأثيرهما في سرعة حصول العلم وبطئه.
__________________
(٤٨) المنطق : ٢٨٦.
(٤١) الذريعة ، للسيد المرتضى ٢ / ٤٩٩.