وقد نسب البعض للشيعة أنهم يقولون باشتراط دخول المعصوم في المخبرين ، والنسبة كما هو واضح غير صحيحة ، وهذه كتبهم لم يذكر فيها هذا الشرط ، ولعله اختلط الأمر عليهم فلم يفرقوا بين الاجماع والخبر المتواتر ، فإنهم اشترطوا دخول المعصوم في الاجماع ضمن المجمعين ، لأسباب تذكر في بحث الاجماع ، لا في المخبرين في الخبر المتواتر.
وفي نهاية البحث يجدر بنا أن نفرق بين نوعين من الشروط :
فقد فرق العلماء بين نوعين من القرائن والخصائص المنضمة للخبر ، بين الخصائص التي ليس لها التأثير في أصل حصول العلم والتي تلازم الخبر أو المخبر أو السامع عادة ، وبين الخصائص الزائدة على مثل هذه الصفات ، فإن مثل هذه الخصائص للأخبار ـ عادة ـ لها تأثيرها في سرعة حصول العلم من الكثرة العددية وبطئه وليس لها تأثير في أصل حصول العلم ، إذ ربما تكون القرينة المنضمة للخبر هي الموجبة لحصول العلم من الخبر حتى لو كان الخبر واحدا ، بحيث لولاها لما حصل العلم من الخبر ، وربما لا تكون تلك الخصائص المنضمة للخبر هي الموجبة لحصول القطع من ذلك الخبر ، بل الموجب لحصول العلم هو الكثرة العددية للمخبرين ، وإنما تأثيرها في سرعة حصول العلم وبطئه لا غير ، وفي مقدار العدد من المخبرين ، ومن هنا يرون عدم تأثير مثل هذه الخصائص المنضمة في تحقق التواتر.
وهذه الخصائص التي لا يضر توفرها في صدق التواتر وتحققه قد تكون في الخبر من حيث كونه موصوفا بالوثاقة والضبط والصدق وعدمها ، فإن مجرد كون الراوي ثقة لا يوجب القطع بخبره ، إذ يحتمل الخطأ في أخباره ، بل يحتمل الكذب إذا رأى مصلحة مهمة في نظره على الكذب ، فلا بد من كثرة المخبرين حتى لو كانوا ثقاتا إلى حد التواتر وامتناع التواطؤ على الكذب والخطأ ، ليحصل العلم من خبرهم.
أو كانت هذه الصفات في السامع ، من كونه خالي الذهن أو له معرفة مسبقة بمضمون الخبر ، أو الاختلاف في طباع الناس ومشاعرهم.