وقد تكون في الخبر عنه ، ككونه قريب الوقوع وعدمه ، وكما ذكرناه في الفرق بين الأخبار عن الأمور الحسية والأمور الحدسية القريبة من الحس ، فإن لها تأثيرا في سرعة حصول القطع وبطئه ، ولكن يبق القطع مستندا للكثرة العددية وإن كان العدد المطلوب في الأمور الحدسية أكثر من العدد في الأمور الحسية.
وقد تكون خصائص في نفس الخبر ، كالهيئات المقارنة للخبر الدالة على الوقوع وعدمه ، وللتعبيرات اللفظية في متن الخبر تأثيرها في هذا المجال.
ويذكر الملا صالح المازندراني في تعليقته على المعالم في ما لو أفاد الخبر العلم : «لكن لا بنفسه ، بل إما بملاحظة القرائن الزائدة على ما لا ينفك الخبر عنه كما إذا أخبر ملك بموت ولد مشرف عليه مع صراخ وحضور جنازته ونحوه ، وإما بغيرها كما في خبر علم صدق مضمونه ضرورة ، مثل : الكل أعظم من الجزء أو حسا ، مثل : النار حارة» فهنا لم يفد الخبر العلم بنفسه ، وهناك قرائن تنضم للخبر لا تمنع من إفادة الخبر للعلم بنفسه «وأما القرائن الغير الزائدة فداخلة في خصوصية الخبر ، فالخبر المفيد للعلم بها ، يفيد بنفسه ، وتلك القرائن إما راجعة إلى الخبر أي المتكلم مثل أن يكون ثقة صدوقا ، أو أن يكون إخباره على الجزم أو الظن ، وإما راجعة إلى المخبر عنه ـ أعني الواقعة ـ مثل أن يكون جليا أو خفيا غريبا أو مبتذلا ، وإما راجعة إلى المخبر ـ أعني السامع ـ مثل أن يكون له فطانة قوية أو ضعيفة أو يكون مما يغلب على طبعه الانكار أو الانقياد» (٥٠).
ويقول في الفصول في تعريف الخبر المتواتر الذي اشترط فيه أن (يفيد العلم بنفسه) : «واحترز بقولهم بنفسه عن خبر جماعة علم صدقهم بالقرائن الزائدة عن الأحوال التي تكون في الخبر والمخبر والمخبر عنه ، فإنه لا يسمى متواترا ، ولهذا يختلف عدد التواتر باختلاف الأحوال ضعفا وقوة» ، فهو يفرق بين نوعين من
__________________
(٥٠) المعالم : ١٨٣.