فهما من الفئة الباغية وقد ظهرت فيهما أظهر آيات النفاق ، ولكن المترجّح بالظن أن هذه الزيادة ليست من وضع ابن عمرو ، بل هي موضوعة عليه ، والله هو العالم.
فهذا حال سند الخبر وهو كما عرفت في غاية الضعف والوهن ، يعرف البصير بالحديث وأفاعيل السياسة فيه الكذب والاختلاق.
وأمّا متنه : فلا أظن بأحد له بصيرة بالتأريخ وسيرة عثمان التي لم يرتضها أحد من الصحابة إلّا المروانيّون والأمويّون وأذنابهم ، يزعم أنّ الله الحكيم العالم بأحوال عباده يكسي قميصه الذي إن خلعه من كساه لا يدخل الجنة مثل عثمان الضعيف المستضعف المداهن الذي يؤثر أمثال الحكم ومروان على الصحابة العظام ، والذي يلعب به مروان حتى صار سوقة له يسوقه حيث يشاء ، فهل يزعم أحد أنّ الله تعالي يكسي قميص الخلافة مثل هذا ثم يهدده بأنّه إن خلعه لا يدخل الجنة! قال السيّد القطب : ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام ، وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد اميّة من ورائه.
وقال : منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مائتي ألف درهم ... والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان على هذه التوسّعات ، فقد منح الزبير ذات يوم ستّمائة ألف ، ومنح طلحة مائتي ألف ، ونفل مروان بن الحكم خمس خراج افريقية.
وحكى السيّد القطب عن المسعودي أنّه كان لعثمان يوم قتل عند خازنه خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار وخلّف إبلا وخيلا كثيرا (١).
__________________
(١) ـ مروج الذهب : ج ٢ ص ٣٣٢.