نفسه جارية من جواري المهدي فراودها عن نفسها ، فقالت : لا أصلح لك إنّ أباك قد طاف بي ، فشغف بها فأرسل إلى أبي يوسف فسأله أعندك في هذا شيء؟ فقال : يا أمير المؤمنين أو كلّما ادّعت أمة شيئا ينبغي أن تصدّق ، لا تصدّقها فإنّها ليست بمأمونة ، قال ابن المبارك : فلم أدر ممّن أعجب! من هذا الذي قد وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتحرّج عن حرمة أبيه ، أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عن أمير المؤمنين ، أو من هذا فقيه الأرض وقاضيها ، قال : اهتك حرمة أبيك واقض شهوتك وصيّره في رقبتي ، انتهى. (١)
وأنا أقول : لم يتحرّج عن حرمة أبيه وهو محاط بمئات من الجواري التي لعل فيهن أحسن وأجمل منها ، ولكن ما كان له صبر على الحرام ، وإنّما رجع إلى فقيه دولته ليأخذ منه العذر عند الناس في ذلك.
ثم حكى عن عبد الله بن يوسف فتوى اخرى ، وعن إسحاق بن راهويه فتوى ثالثة ، وأن هارون أجازه بمائة ألف درهم.
فهذا هو ـ الليث ـ أحد رجال هذا الخبر.
ومن رجاله خالد بن يزيد الجمحي المصري الّذي قال عنه في الجرح والتعديل : سألت أبي عنه قال : هو مجهول.
ومنهم سعيد بن أبي هلال الذي قال أحمد فيه : ما يدري أي شيء يخلط في الأحاديث.
ومن رجاله ربيعة بن سيف وهو الذي يشعر كلام ابن عياش من أعلام القرن الثالث بأنّه ذكر الزيادة في روايته ، وربيعة هذا أيضا مطعون بأنّه يخطئ كثيرا وأنّ عنده مناكير ، وضعّفه النسائي.
ومن رجاله عبد الله بن عمرو ، ولا حاجة إلى التعريف به وبأبيه ،
__________________
(١) ـ تاريخ الخلفاء : ص ٢٩١.