والقيصرية وبطشه واستعلاءه وإيثار نفسه وخواصه وشعرائه وجواريه ومغنّيه ومغنّياته على البؤساء والضعفاء ، واضطهاده الأولياء والصلحاء وتعذيبهم في السجون ، وقتله الإمام الكاظم عليهالسلام أكبر شخصية معنوية مثالية كان هو معترفا بعلوّ قدره بعد السجن الطويل.
وهارون هذا هو أول خليفة لعب بالشطرنج من بني العباس (١) وأول من جعل للمغنّين مراتب وطبقات (٢)
قال الصولي : خلف مائة ألف ألف دينار ومن الأثاث والجوهر والورق والدواب ما قيمته مائة ألف ألف دينار وخمسة عشر ألف دينار (٣) ، وأعطى إسحاق الموصلي في مجلس واحد مائتي ألف درهم (٤) ... إلخ وبعد ذلك وما عرفه هو وجميع الناس من أعماله الاستبدادية الشاهدة على عدم خوفه من الله تعالى ، ما قيمة تحليفه على ذلك إلّا جلب عناية الخليفة وزوجته ، لا سامح الله من يصنع في أحكامه مثل هذا ، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٥).
ولا يخفى عليك أنّ هذا ليس أوّل قارورة كسرت في الإسلام فليس مثل هذا الإلحاد واستحلال الفروج منحصرا بالليث بل كان ذلك دأب فقهاء الحكومة الذين يصوّبون أعمال الحكّام.
فقد أخرج السلفي في كتاب الطيوريات ، على ما في تاريخ الخلفاء ، أخرج بسنده عن ابن المبارك قال : لمّا أفضت الخلافة إلى الرشيد وقعت في
__________________
(١) ـ تاريخ الخلفاء : ص ٢٩٥.
(٢) ـ تاريخ الخلفاء : ص ٢٩٥.
(٣) ـ نفس المصدر : ص ٢٩٢.
(٤) ـ نفس المصدر : ص ٢٨٦.
(٥) ـ فصّلت : ٤٠.