المناسبات ، وفي الصحف والمجلات والجرائد والإذاعات وغيرها. وأيم الله إنّي لا أظن بأحد درس هذه الأحاديث وما تحويه من العلوم والمعارف أن يعدل عنها الى غيرها ، اللهم إلا أن يكون في قلبه مرض.
وقد سعت السياسات التي لا ترى من مصلحتها عناية المسلمين بالأحاديث واهتمامهم بهذه الثروة العلمية والأنظمة الحكيمة لإخفائها وإبعادها عن واقع حياة المسلمين عقيدة وسياسة ونظاما وأخلاقا ، حتّى صار المسلمون سائلين بعد ما كانوا مسئولين وخادمين بعد ما كانوا مخدومين كما وصفهم بذلك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنهم (يستخدمون ولا يستخدمون).
ففي البرهة الاولى من الزمان حدثت مصيبة المنع عن تدوين السنّة ، وحدثت إلى جانبها مصيبة الاسرائيليات وكان مثل كعب الأخبار بطلها الفذّ من خواص ذوي السلطة ومرجعهم في تفسير القرآن وقصص الأنبياء والإخبار عن الملاحم والمسائل المهمّة الأخرى.
هذا على رغم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا رأى بعضهم مشغولا بقراءة كتاب من أهل الكتاب أو مطالعته قال : «لو كان موسى حيّا لما وسعه الا اتّباعي». (١) وعلى رغم وجود إمام مثل علي عليهالسلام الذي هو باب مدينة العلم بنص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله فيه : «علي مع الحقّ والحقّ معه ولا يفارقه» ، وعلى رغم وجود عترته بينهم التي قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها وفي القرآن : «إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».
وفي الفترة الثانية التي بدأت من عصر بني أميّة وتكاملت في عصر بني العباس سيّما المأمون جاءت السياسات الحاكمة المعارضة للقوانين الاسلامية التي
__________________
(١) ـ تفسير القرطبي : ج ١٣ ، ص ٣٥٥.