لا تسمح لأرباب هذه السياسات بسياساتهم الاستضعافية في الحكم والإدارة والمال وما يتعلق بالمسلمين وبيت مالهم ، جاءت بالفلسفة اليونانية بما يوجد فيها من الآراء الإلحادية والمبادئ التي لا تتفق في النهاية مع رسالة الله تعالى وهداية الأنبياء في معرفة الله تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته الكمالية وأفعاله الحكيمة ، وإن أصرّ بعض المشتغلين بها على التوفيق بين المدرستين.
مدرسة الأنبياء ودعوتهم التوحيدية التي قررّها وبيّنها القرآن بأحسن التقرير وأكمل التبيين والتي يتفق الكل عليها وعلى اصولها القيّمة القويمة ، فلم يختلفوا حتى في أصل واحد. ومدرسة الفلاسفة الذين اختلفوا في اصولهم اختلافا كثيرا فلم يجمعوا في المبادئ الأولية على كلمة واحدة ولم يجعلوا أمام البشرية مسلكا مشخصا بمبادئه الفكرية والعملية ولم يهدوها الى حقّ اتفقوا عليه.
وقد اختلفت آراؤهم في المسائل المتعلقة بالمبدإ والمعاد حتى لعلك لم تجد اثنين منهم اتفقا على رأي واحد في جميع هذه المسائل ، فلكل منهم مسلك سلكه وطريق يذهب فيه اللهم إلا المتمسّكين منهم بحبل وحي الأنبياء والمعتمدين على هدايتهم وهداية الأئمة المعصومين عليهمالسلام ممن لم يغتروا بأقوال أصحاب الفلسفة ولم يخوضوا في مباحث لم يأذن الشرع الخوض فيها.
ومن سبر كتبهم واصطلاحاتهم يعرف أنّ منطق الفلاسفة ولغتهم غير لغة الأنبياء والمتشرّعين بشرائعهم.
فالله الذي هو خالق الكلّ يفعل ما يشاء ، ويبعث الرسل ويجازى العباد على أفعالهم ويرزقهم ، ويسمع دعاءهم ، ويستجيب لهم ، وهو موصوف بالصفات التي وصف هو تعالى نفسه بها ، ليس هو ما أسماه الفلاسفة بالعلة الاولى التي لا يصح اطلاق أسماء الله الحسنى عليها حقيقة مثل : الخالق والرازق والغفار والتواب ... الخ ،