وقول المصنف : «ولا تصحب ما» معناه أن «حاشا» مثل «خلا» في أنها تنصب ما بعدها أو تجرّه ، ولكن لا تقدم عليها «ما» كما تتقدم على «خلا» فلا تقول : «قام القوم ما حاشا زيدا» ، وهذا الذي ذكره هو الكثير ، وقد صحبتها «ما» قليلا ، ففي مسند أبي أميه الطرسوسي عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أسامة أحبّ الناس إليّ ما حاشا فاطمة» (١).
وقوله :
٣٧ ـ رأيت الناس ما حاشا قريشا |
|
فإنّا نحن أفضلهم فعالا (٢) |
__________________
(١) هذا الاستدلال بالحديث على أن «ما» مصدرية ، وحاشا : استثنائية جامدة غير معيّن ، لاحتمال أن تكون ما نافية ، وحاشا فعل ماض متصرف متعد من قولك : حاشيته أحاشيه إذا استثنيته ، على حد قول الشاعر الجاهلى :
ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه |
|
ولا أحاشي من الأقوام من أحد |
ويحتمل أن تكون «ما حاشا فاطمة» من كلام الراوي ، أي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «أسامة أحب الناس إلي» ولم يستثن فاطمة بدليل ما في معجم الطبراني : «ما حاشا فاطمة ولا غيرها».
(٢) قائله : الأخطل. الفعال : بفتح الفاء ـ الكرم والفعل الحسن.
المعنى : رأيت الناس إلا قريشا دوننا في المنزلة لأننا أفضل منهم من حيث السخاء والكرم.
الإعراب : رأيت : فعل وفاعل. رأى فعل ماض مبنى على السكون. والتاء فاعل. الناس : مفعول أول لرأى القلبية بمعنى «علمت» والمفعول الثاني محذوف يفهم من المقام أي : دوننا ، أو أنقص منا. ما حاشا : ما زائدة أو مصدرية. حاشا : فعل ماض من أفعال الاستثناء ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا يعود على البعض المفهوم من الكل الذي هو المستثنى منه. قريشا : مفعول به لحاشا منصوب ، فإنا : الفاء تعليلية إنا : إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر نا : اسمها : نحن : ضمير منفصل توكيد لفظي للضمير المتصل «نا» أفضلهم : خبر إن مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه ، والميم علامة جمع الذكور. فعالا : تمييز منصوب. وعلى اعتبار «ما» مصدرية في «ما حاشا» تكون ما وما بعدها في تأويل مصدر منصوب