من امرهما ، وانّما كان ذلك منهما على حد ما كان الملكين.
فلم يحر جواباً واستحسن ذلك الرشيد (٣١).
اذا عرفت هذا فلنتأمل في كتاب تصحيح الاعتقاد ونرى كلام المفيد حول المناظرة ، فنقول : إنّه بعدما اورد الآيات الامرة بالجدال بالتي هي احسن ، والآيات الاخرى الناهية عن الجدال بغير التي هي احسن ، استدلّ بدليلين على صحّة المناظرة :
الاول : مازال الائمة عليهم السلام يناظرون في دين الله سبحانه ويحتجّون على اعداء الله تعالى.
الثاني : كان شيوخ اصحابهم ـ في كل عصر يستعملون النظر ويعتمدون الحجاج ـ وكان الأئمة يحمدونهم على ذلك ويثنون عليهم.
ثم اورد عدّة روايات لمدح الائمة للمتكلمين المناظرين.
منها ما ذكره الكليني في كتاب الكافي ـ وهو من اجلّ كتب الشيعة واكثرها فائدة ـ من حديث يونس بن يعقوب مع أبي عبد الله عليه السلام : «وددت انّك يا يونس تحسن الكلام».
فقال له يونس : جعلت فداك ، سمعتك تنهى عن الكلام. وقد اجاب الإمام عن سؤاله بما سنذكره ان شاء الله ، ثم دعا حمران بن اعين ومحمد بن الطيّار وهشام بن سالم وقيس الماصر فتكلّموا بحضرته وتكلّم هشام بعدهم فاثنى عليه ومدحه وقال له : مثلك من يكلّم الناس» (٣٢)؟!
ثم روى المفيد عدّة احاديث نذكر جملة منها :
١ ـ قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام لمحمد بن حكيم : «كلّم الناس وبين لهم الحقّ الذي انت عليه ، وبيّن لهم الضلالة التي هم
__________________
(٣١) الفصول المختارة : ٢٦.
(٣٢) الكافي ١ : ١٧١ ح ٤ ، تصحيح الاعتقاد : ٢٧.