٤ ـ الجدال في زمن التقية :
إنّ الجدال في زمن التقية ربما يشكل خطراً بالغاً يتهدد حياة المناظرين أو حتى حياة الأئمة عليهم السلام آنذاك ، فالمحافظة على كيان التشيع في تلك الأزمنة يحكم بلزوم الستر ورعاية منهج التقية ، والاجتناب عن المناظرة في تلك الاجواء الخطيرة ، وقد اشار الشيخ المفيد الى انّه قد يصح النهي عن المناظرة للتقية (٦٩).
وقد روى الكشي باسناده ، عن يونس قال : قلت لهشام : انّهم يزعمون أنّ أبا الحسن (٧٠) بعث اليك عبد الرحمن بن الحجّاج يأمرك ان تسكت ولا تتكلّم ، فأبيت ان تقبل رسالته ، فاخبرني كيف هذا ، وهل ارسل اليك ينهاك عن الكلام أو لا ، وهل تكلّمت بعد نهيه ايّاك؟
فقال هشام : إنّه لمّا كان ايّام المهدي شدّد على اصحاب الاهواء ، وكتب له ابن المفضّل صنوف الفرق صنفاً صنفاً ، ثم قرأ الكتاب على الناس.
فقال يونس : قد سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة ، ومرة اخرى بمدينة الوضّاح (٧١).
فقال : إنّ ابن المفضّل صنّف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة ، حتّى قال في كتابه : وفرقة يقال لهم الزرارية ، وفرقة يقال لهم العمّارية ـ أصحاب عمّار الساباطي ـ وفرقة يقال هم اليعفورية ، [كأنّ المراد بهم اصحاب عبد الله بن أبي يعفور] ، ومنهم فرقة اصحاب سليمان الاقطع ، وفرقة يقال لهم الجواليقية
__________________
(٦٩) تصحيح الاعتقاد : ٢٨.
(٧٠) يعني الإمام الكاظم عليه السلام.
(٧١) الظاهر انّ المدينة اشارة الى المعهود اي بغداد ، ومدينة وضّاح يراد بها قصر وضّاح في بغداد ، وقد سكنها هشام بن الحكم في اخريات حياته ، وفي نقل اخر للخبر : وقرأ ذلك الكتاب في الشرقية.