أولاً : الإِطار الموضوعي :
ويتمثل ما امتاز به الفقه الاسلامي من ايثار النزعة الموضوعية على المعايير الذاتية بما يحقق ايجاد نوع من التعادل بين التطور والاستقرار ، وتبرز هذه الموضوعية في نظرية المفيد القضائية بعدة وجوه ندرسها كالاتي : الشمول ، النزعة الاخلاقية ، سمو روح التشريع ، الاستقرار.
١ ـ الشمول : ومن مظاهره قيام الشيخ المفيد لوضع مفهوم واضح للقضاء ، فهو بعد ان يستقرىء الآيات القرآنية يؤكد على :
أ ـ الالتزام بالاستشهاد بالنصّ الشرعي.
ب ـ تقرير مبدأ نفي التسرع بالاحكام.
ج ـ وجوب مطابقة الحكم الشرعي القضائي لمقرارات الشريعة وتوجهاتها.
د ـ تقرير نظرية العدالة في الاحكام.
هـ ـ وضع ضوابط لعقوبة التأديب للقضاء عند بروز الجانب السلبي.
ثم ان اختياره لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم «من جعل قاضياً فقد ذبح بغير سكين» فيه من المدى الذي تعنيه عبارة «من جعل قاضياً» مقابل «الذبح المعنوي» ، وما في معنى «الجعل والذبح» ومن خلال هذه المنهجية يبدو المفيد في اغناءه المفهوم بعد استنباطه من مصادر التشريع الاسلامي وهو بكل ذلك يقرر المفهوم الإمامي لاثباته ما ورد عن امير المؤمنين عليه السلام وتقسيمه الرباعي للقضاة عند بيانه المراد من مفهوم القاضي ومصداقيته بكونه «القاضي الحق» وذلك مستمد من قوله عليه السلام «وقاضِ قضى بالحق وهو يعلم انه حق فهو في الجنة».
ومن جوانب الشمول في موضوعية المنهج عند المفيد استعراضه لادب القضاء ، ومايجب فعله عند استقباله المتخاصمين ثم بما يمضي به من تقرير