قال رحمهالله : لكن فاتهم أن التفريق قد أدى بكثير من أهل الأشغال إلى ترك الصلاة كما شاهدناه عيانا ، بخلاف الجمع فإنه أقرب إلى المحافظة على أدائها.
وقال رحمهالله : وبهذا يكون الأحوط للفقهاء أن يفتوا العامة بالجمع ، وأن ييسروا ولا يعسروا (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). انتهى.
فالجمع رخصة من الشارع ينبغي الأخذ بها ، لا سيما إذا اضطر المكلف إليه.
أخرج البيهقي ، عن ابن عمر والبزار والطبراني وابن حبان ، عن ابن عباس ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة وابن حبان والطبراني ـ في الأوسط ـ والبيهقي ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما لا يحب أن تؤتى معصيته.
وأخرج الطبراني ، عن عبد الله بن يزيد بن أديم ، قال : حدثني أبو الدرداء ووائلة بن الأسقع وأبو أمامة وأنس بن مالك ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلم قال : إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه.
وأخرج الطبراني ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة (٩٥).
ثم إن طائفة من جمهور العامة عمدوا إلى تلكم السنن الواردة في الجمع في الحضر ، المتفق على صحتها ، فردوها دفعا بالصدر ، وقد يتعلقون في ذلك بأمور واهية ، فكان مثلهم (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كان يعلمون).
__________________
(٩٥) الدر المنثور ـ للسيوطي ـ ١ / ١٩٣.