* منها : أن السنة ثابتة صريحة في بيان أوقات الصلوات ، وقد تواتر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم محافظته على أوقاتها ، حتى قال ابن مسعود : ما رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين : جمع بين المغرب والعشاء بجمع ، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ـ كما في فتح العلام (٩٦).
قلت : جواب هذا علم مما مر ، ونزيده هنا إيضاحا فنقول ـ وبالله تعالى التوفيق ـ :
إن بيان السنة محمول على الاستحباب والفضيلة ، ومواظبته صلى الله عليه وآله وسلم على التفريق في غالب الأحوال لا يدل على الوجوب ، لأنه قد تقرر في محله أن فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا جهل وجهه حمل على الندب عند الشافعي والإباحة عند أكثر الحنفية ، هذا مع أنه عليه وآله الصلاة والسلام داوم على مندوبات فلم يلزم من ذلك وجوبها.
قال الأنصاري في (فواتح الرحموت) (٩٧) : مداومته صلىاللهعليهوآله وسلم على فعل لا يدل على الوجوب ، كيف لا؟! وإن الجماعة سنة مؤكدة مع أنه لم يتركها أصلا ، وكذا الأذان والإقامة ، والخطبة الثانية في الجمعة ، والاعتكاف ، والترتيب والموالاة في الوضوء ، وكذا المضمضة والاستنشاق ، وغير ذلك مما ثبت فيه المواظبة من غير ترك ، مع أنها سنة ، وقد استدل هو صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه على سنية أكثرها بالمواظبة مع عدم تبيين تركها ، بل ثبت عدم الترك. انتهى.
وبه يتبين أن المواظبة ليس دليل الوجوب عندهم.
قلت : فإذا كانت المواظبة على السنن لا تصيرها واجبة ، فكيف إذا ترك
__________________
(٩٦) فتح العلام ١ / ١٩٥.
(٩٧) فواتح الرحموت ٢ / ١٨١.