إنما يجري في تفسيره للفظ (٤٦) مثلا ، على أن في هذه الدعوى نظرا ، فإن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) يرد عمومها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في (فتح الباري) (٤٧) : احتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث ـ يعني حديث جابر بن زيد عن ابن عباس ـ عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس نحوه ، وقال بدل قوله : (بالمدينة من غير خوف ولا سفر) : قال مالك : لعله كان في مطر (٤٨) ، لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ : (من غير خوف ولا مطر) فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر. انتهى.
وذكر المحقق ابن الصديق في رد هذا التأويل كلاما متينا ، قال : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صرح بأنه فعل ذلك ليرفع الحرج عن أمته وبين لهم جواز الجمع إذا احتاجوا إليه (٤٩) ، فحمله على المطر بعد هذا التصريح من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة الذين رووه تعسف ظاهر ، بل تكذيب للرواة ومعارضة لله والرسول ، لأنه لو فعل ذلك للمطر لما صرح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بخلافه ، ولما عدل الرواة عن التعليل به إلى التعليل ينفي الحرج ، كما رووا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يأمر المنادي أن ينادي في الليلة المطيرة : (ألا صلوا في الرحال) ، ولم يذكروا ذلك في الجمع ، فكيف وقد صرحوا بنفي المطر؟!
ثم فند التأويل بالمطر من وجه آخر فقال : إن ابن عباس الراوي لهذا *
__________________
(٤٦) أي : وهنا ليس كذلك.
(٤٧) فتح الباري ٢ / ٣٠.
(٤٨) الموطأ ١ / ١٤٤ ذ ح ٤.
(٤٩) بل ولو لم يحتاجوا إليه كما ستعرف إن شاء الله تعالى.