الجوع يا رسول الله! ـ وساق الحديث إلى قوله : ـ فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله (ص) لأبي بكر وعمر : والذي نفسي بيده ، لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم.
فإذا كان هذا حال أبي بكر بالمدينة ـ وقد فتح الله تعالى على المسلمين من الفتوح والغنائم ما استغنوا به ـ فما ظنك به إذ كان بمكة؟!
على أنك لو تأملت وأنصفت لأذعنت بانتفاء النسبة بين من أعتق نفرا من العذاب الدنيوي ـ على تقدير ثبوته ـ وبين من أعتق من لا يحصي عددهم إلا الله من العذاب الأبدي ، فهذا القسم الأخير حلية أمير المؤمنين عليهالسلام ، الواضحة براهينها ، اللائح يقينها دون أبي بكر وغيره ممن قصر عن مجده الشامخ ، وشرفه الباذخ ، الذي تعدى ذرى الأفلاك ، وزاحم شرف الأملاك (٥٧).
قال :
وقال ابن جرير : حدثني هارون بن إدريس الأصم ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، ثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، قال : كان أبو بكر الصديق يعتق على الإسلام بمكة ، فكان يعتق نساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه : أي بني! أراك تعتق أناسا ضعفاء ، فلو أنك أعتقت رجالا جلدا يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك؟! فقال : أي أبت إنما أريد ما عند الله.
قال : فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه : (فأما من
__________________
(٥٧) بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية : ٩٢.