ـ وقد علم أن كل شقي يصلاها ، وكل تقي يجنبها ، لا يختص بالصلي أشقى الأشقياء ، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء ـ لأن الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : الأشقى ، وجعل مختصا بالصلي ، كأن النار لم تخلق إلا له ، وقيل : الأتقى ، وجعل مختصا بالنجاة ، كأن الجنة لم تخلق إلا له. انتهى.
قال السيوطي :
وهذا صريح في أن المراد ب : (الأتقى) أتقى الأتقياء على الاطلاق لا مطلق التقي ، وأتقى الأتقياء على الاطلاق بعد النبيين أبو بكر الصديق! انتهى.
أقول :
دل كلام الأصبهاني على أن صيغة (أفعل) هنا ليست على ظاهرها من التفضيل ، بل (الأشقى) هنا بمعنى الشقي ، و (الأتقى) بمعنى التقي لمكان التعليل المذكور في كلامه خلافا لما أصر عليه السيوطي ومن تابعه على ذلك.
وأما قول الأصبهاني : (لأن الآية واردة في الموازنة ...) فيرد عليه أن الموازنة المذكورة متوقفة على كون (أفعل) هنا للتفضيل ، وقد دل قوله : (وقد علم أن كل شقي يصلاها ...) وقوله : (فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : الأشقى ... وقيل : الأتقى ...) على أن (أفعل) هنا ليست للتفضيل ـ كما ذكرنا آنفا ـ.
هذا ، مع أن كون (أفعل) هنا للتفضيل متوقف على ثبوت إرادة