(مقصودا) احترز به من حديث النائم ، ومحاكاة بعض الطيور للإنسان ، قوله : (لذاته) احترز به من المقصود لغيره ، كالجملة الموصول بها والمضاف إليها) (٢٩).
وواضح من كلامه أنه يشترط لكون الكلام مفيدا ، مضافا لدلالته على معنى يحسن السكوت عليه ، أن يزود السامع بعلم جديد ، بأن لا يكون مضمونه معلوم الثبوت أو الانتفاء بالضرورة ، وقد وافقه على هذا كل من الأشموني (ت ٩٠٠ ه) (٣٠) والأزهري (ت ٩٠٥ ه) (٣١) ، وهو شرط لا يمكن قبوله ، لأن تضمن الكلام لعلم جديد على السامع ليس داخلا في حقيقته (وإلا لكان الشئ الواحد ، كلاما وغير كلام ، إذا خوطب به من يجهله فاستفاد مضمونه ، ثم خوطب به ثانيا) (٣٢) ، أو خوطب به شخصان أحدهما يجهل مضمونه والآخر يعلمه.
ولا ضرورة أيضا للتقييد بكون الكلام (مقصودا) لإخراج حديث النائم ومحاكاة الطيور ، أما حديث النائم فهو داخل في الكلام إن تضمن معنى يصح السكوت عليه ، وأما محاكاة الطيور ، فلا تتبادر إلى الذهن من تعريف الكلام ليحترز منها.
وأما التعريف الثاني ، فهو ما ذكره في أرجوزته الألفية من قوله : (كلامنا لفظ مفيد ، كاستقم).
وقد اختلف شراحه في قوله : (كاستقم) ، فقال بعض إنه مثال بعد تمام
__________________
(٢٩) شفاء العليل في إيضاح التسهيل ، السلسيلي ، تحقيق عبد الله البركاتي ١ / ٩٦ ـ ٩٧.
(٣٠) شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ٨.
(٣١) شرح الأزهرية في علم العربية ، الأزهري ، ص ١٣.
(٣٢) همع الهوامع ، السيوطي ١ / ٣٠.