الحد ، وذهب بعض آخر إلى أنه تتميم للحد ، ومنشأ الخلاف هو تحديد المراد من قوله : (مفيد) ، لأن هذه الكلمة قد استعملت من قبل النحاة في ثلاثة معان :
أولها : ما دل على معنى مطلقا ، سواء صح السكوت عليه أم لا ، ومن شواهد ذلك تقييد بعضهم له بما يدل على إرادة خصوص التام ، كقول الحريري : (وتتم به الفائدة) (٣٣) ، وقول ابن الخشاب : (فائدة يحسن السكوت عليها) (٣٤) ، وقول العكبري : (الكلام عبارة عن الجملة المفيدة فائدة تامة) (٣٥).
والثاني : ما دل على خصوص المعنى الذي يحسن السكوت عليه ، وقد تقدم استعمال ابن جني له بهذا المعنى ، ومن شواهده قول ابن الأنباري بعد تعريفه الكلام بما كان من الحروف دالا بتأليفه على معنى يحسن السكوت عليه : الفرق بين الكلم والكلام (أن الكلم ينطلق على المفيد وغير المفيد ، أما الكلام فلا ينطلق إلا على المفيد خاصة) (٣٦).
والثالث : ما دل على معنى يحسن السكوت عليه ، ولم يكن معناه ضروري الثبوت والانتفاء ، وقد مر بيانه عند الكلام على التعريف الأول لابن مالك.
وقد ذهب أغلب شراح الألفية إلى إرادة المعنى الأول للإفادة ، وأن قوله : (كاستقم) تتميم للحد ، ومن هؤلاء ابن الناظم (٣٧) ، والمكودي (٣٨) ،
__________________
(٣٣) شرح على متن ملحة الإعراب ، الحريري ، ص ٢.
(٣٤) المرتجل ، ابن الخشاب ، تحقيق علي حيدر ، ص ٣٤٠.
(٣٥) مسائل خلافية في النحو ، أبو البقاء العكبري ، تحقيق محمد خير الحلواني ، ص ٣١.
(٣٦) أسرار العربية ، ابن الأنباري ، ص ٣.
(٣٧) شرح الألفية ، ابن الناظم ، ص ٣.