الفصل الحادي والعشرون
موقف العباسيين من النياحة على الحسين عليهالسلام
بعد أندثار الحكم الأموي حدثت فترة تنفس للشيعة قصيرة ، حيث انفسح لهم المجال نوعاً ما لزيارة المرقد الشريف بكربلاء وإقامة المناحات حوله ، وإظهار حزنهم في العشرة الأولى من محرم ، وخاصة في يوم عاشوراء ، وإعادة الذكريات الأليمة لهذا اليوم المشؤوم ، ولكنها كانت فترة قصيرة حيث لحقتها فترة الحكم العباسي الذي كانت مكافحته للنهضة الحسينية أعظم بكثير من مقاومة الحكم الأموي.
وقد جر الحكم العباسي على المرقد الشريف في كربلاء وزائريه والوافدين عليه ومقيمين المناحات والمآتم على الحسين عليهالسلام ما لم يجره الأمويون أيام سلطانهم ؛ لأن العباسيين الذين لم يتسن لهم قتل الحسين والتمثيل به عمدوا الى النيل من قبره المقدس ومثواه الشريف والموالين له ، فأمعنوا في القبر تخريباً وإهانة ، وحالوا ما وسعهم دون إعادة ذكريات مقتله الأليم ، وإقامة المآتم والمناحات عليه.
وكان من بين الذين يمكن أن نجعلهم في مقدمة الخلفاء العباسيين في ذلك هو أبو جعفر المنصور الدوانيقي الذي كان أول ما أمر به هو هدم قبر الحسين عليهالسلام ومنع الزوار من زيارته وإقامة المآتم والمناحات حوله وفي الجهات الأخرى ، بخلاف سلفه أبي العباس السفاح الذي ساير الشيعة كثيراً ؛ ليستعين بهم ضد بقايا الأمويين ، إذ سمح لهم بإقامة شعائرهم ومآتمهم ، وبزيارة قبر الحسين عليهالسلام ، وإقامة