ولكن لما تمكنت الحكومة الحالية من الاستيلاء على هاته الجزر ، بدأت تمنع تلك المظاهرات رويداً رويداً حتى اضمحلت خصوصاً في جزيرة جاوه ، وبقيت بعض المدن الصغيرة في سومطره تقيم تلك المآتم.
أو من صنع التابوت وأقام المأتم هم أهل ميناء نقطايا ـ وإحدى مقاطعات جزيرة سومطره ـ ، وذلك إظهاراً لحزنهم وتفانيهم في حب سبطي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم سرت هذه العادة الى غيرها من المقاطعات المجاورة لها ، كمقاطعة آجيه ، وبقكولين.
يبتدئ المأتم عندهم في أول شهر محرم ، وذلك أنهم يخرجون فيها الى أحد الشواطئ ، ويأخذون منه تراباً ؛ يعنون به التراب الذي لطخ به وجه الحسين عليهالسلام أثناء حربه ؛ ويضعونه في أحد الفلوات ، ويحيطونه بسور من خشب ، ويتركونه حتى اليوم التاسع من محرم.
ففي التاسع من محرم يخرجون جميعاً ومعهم الطبول والطاس لأخذ بعض جذور أشجار الموز ليضعوه على ذلك التراب الذي وضعوه في الفلاة ، وقد تحدث عند خروجهم مناوشات بين كل فرقة منهم أثناء سباقهم لأخذ ذلك.
وفي اليوم الثاني ـ أي العاشر من محرم ـ يخرجون ومعهم التابوت الصغير ، يسمونه « تابوت لينولنق » لطلب الصدقات من المحسنين ، ويحمل ذلك التابوت ولد عليه لباس أصفر يسمونه « انك مجنون » أي الولد المجنون فإذا وصلوا الى أحد البيوت التف الأولاد حوله ، وأخذوا يصيحون بأعلى صوتهم : « حسن حسين » ؛ كأنهم بذلك يذكرون الناس بما وقع عليهماالسلام ، ولا يزالون كذلك من بيت لآخر حتى الساعة الحادية عشرة نهاراً. وعند الساعة الثانية عشرة نصف النهار ـ الظهر ـ يبتدئون بضرب الطبول ، وينشدون الأناشيد المحزنة ، مما يثير العواطف ، والصياح والعويل آخذان في الازدياد من المشاهدين ، لماله من التأثيرات التي تذكّرهم بالفاجعة المشؤومة.