الناحـية الثـانيـة :
إبلاغ المتحمل للسلام إلى المبلغ له هو من الأمانات التي يجب أداؤها إلى أهلها بعد القبول ، وأنّه وديعة كما في حديث سلمان (١). والمبلغ الرسول الذي على عاتقه الرسالة ، فإن لم يفعل فما بلّغ رسالته ، وقيل : كان صلىاللهعليهوآله يسلّم بنفسه على من يواجهه ، ويحمّل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين عنه ، ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، وإذا بلّغه أحد السلام عن غيره يردّ عليه وعلى المبلّغ به (٢).
ونذكر عدداً من احاديث الإبلاغ :
الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال « بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم على جبل من جبال تهامة والمسلمون حوله ، إذ أقبل شيخ وبيده عصاً ، فنظر إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : مشية الجنّ ونغمتهم وعجبهم ، فأتى فسلّم فردّ رسول الله صلىاللهعليهوآله : فقال له : من أنت؟ فقال : أنا هامة بن الهيم بن لا قيس بن إبليس ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : سبحان الله سبحان الله ، ما بينك وبين إبليس إلا أبوان! قال : لا ، قال : كم أتى عليك؟ قال : أكلت الدنيا عمرها إلا القليل ، قال : على ذلك؟ قال : كنت ابن أعوام ، أفهم الكلام ، وآمر بإفساد الطعام الأرحام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بئس العمر والله عمل الشيخ المثلوم (٣) أو المتوسّم. قال : زدني من التعداد ، إنّي ملّيت ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم ، وكنت مع نوح في مسجده فيمن آمن به ، وعاتبته على دعوته عليهم ، فلم أزل أعاتبه حتى بكى وأبكاني ، وقال : إنّي من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، فقلت : يا نوح إنّني ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم ، هل تدري
____________
١ ـ أمالي الشيخ الطوسي ١ | ٣٥٦ ـ ٣٥٧.
٢ ـ تفسير المنار ٥ | ٣١٦.
٣ ـ من الثلمة : الانصداع صفة كل من شاخ وكبر.