أقول : على فرض ثبوت القصة ، تدل على أن تحمل إبلاغ السلام من الأمانة ، وأنه لا بد من وصولها إلى أهلها ، وقد فعله هذا المخلوق العجيب هام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس ، وظاهر حاله أنه مقبول التوبة ، وقد أخذ من النبي صلىاللهعليهوآله علم القرآن وبعض سوره.
٢ ـ روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي كهمس قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « عبد الله بن أبي يعفور يقرئك السلام. قال : عليك وعليه السلام ، إذا أتيت عبد الله فاقرأه السلام وقل له : إن جعفر بن محمد يقول لك : انظر ما بلغ به عليّ عليهالسلام عند رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، فالزمه ؛ فإن عليّا عليهالسلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، بصدق الحديث وأداء الأمانة » (١).
بـيـان :
يبلغ الإمام عليهالسلام عن غيره السلام ، ثم يبلغه كما بلغه ، وفيه دلالة على تبادل التبليغ السلامي المسبب لمزيد الحب والسكون ، كما وفيه دلالة على إكرام الوسيط أولاً ، ثم المبلغ الغائب ، فخص الإجابة بأبي كهمس الوسيط ، ثم ابن أبي يعفور الغائب بقوله عليهالسلام : « عليك وعليه السلام » ؛ وربما انعكست الإجابة كما في قصة هامة بن الهيم ، ولعل الشرف أو الضعة سبب للتقديم مرة ، وللتأخير أخرى ، وإلا فهو بالخيار ، وعلى أي تقدير ، لا بد من إكرام الوسيط إذاً لتحمل نوع من التحية التي يجب ردها
__________________
١ ـ أصول الكافي ٢ | ١٠٤ ، باب الصدق وأداء الأمانة ، الحديث ٥ ، الوسائل ١٣ | ٢١٨ ، جامع أحاديث الشيعة ١٥ | ٦١٤ ـ ٦١٥.
ونظيره ما رواه المفيد بإسناده إلى خيثمة عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال : دخلت عليه أودعه وأنا أريد الشخوص إلى المدينة ، فقال : أبلغ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله ، والعمل الصالح ، وأن يعود صحيحهم مريضهم ، وليعد غنيهم على فقيرهم ، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم ، وأن يتفاوضوا علم الدين ؛ فإن في ذلك حياة لأمرنا ، رحم الله عبداً أحيا أمرنا ... ، الفصول المختارة ٢٨٧ ، الطبعة الرابعة ، قم ـ إيران ، ١٣٩٦.
فقد دل هذا الحديث كسابقه على إبلاغ السلام ، والأحاديث المروية في ذلك كثيرة.