ورقة مسألة ، وباقي الورق بياض ، ليكتب الجواب تحتها ، وقد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم ، وختم عليها بثلاث خواتيم ، على كل حزام خاتم ، وقالوا : أدفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غدٍ ، فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة ، وانظر هل أجاب عن المسائل ، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال فادفع إليه ، وإلا فرد إلينا أموالنا.
فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر وجربه وخرج عنه قائلاً : رب اهدني إلى سواء الصراط ، قال : فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول : أجب مَن تريد ، فأتى بي دار جعفر بن جعفر ، فلمّا رآني قال لي : ولِمَ تقنط يا أبا جعفر؟ ـ كنية محمد بن علي النيسابوري ـ ولِمَ تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إلي فأنا حجّةالله ووليه ، ألَمْ يعرفك أبو حمزة على باب مسجد جدي؟ وقد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس ، فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان ، الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري (١) ، والشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين.
قال : فطار عقلي من مقاله ، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قِبَله، فإخذ درهم شطيطة وإزارها ، ثم استقبلني وقال : إن الله لا يستحيي من الحق (٢) ، يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي ، واعطها هذه الصرة ، وكانت أربعين درهماً ، ثم قال : وأهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا ، قرية فاطمة عليهاالسلام ، وغزل أختي حليمة ـ ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ـ ثم قال : وقل لها : ستعيشين تسعة عشر يوماً من وصول أبي جعفر، ووصول الشقة والدراهم ، فأنفقي على نفسك منها ستة عشر درهماً ، وأجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك وما يلزم عنك ، وأنا أتولى الصلاة عليك ، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ ؛ فإنه أبقى لنفسك ، ثم قال : واردد الأموال إلى أصحابها ، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء ، وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء؟.
__________________
١ ـ كذا.
٢ ـ محاكاة لما قالته شطيطة عند دفع الحقوق إلى أبي جعفر النيسابوري البريد ، وإعلام بعلمه عليهالسلام بما قالت.