أقول : قاتلهم الله كيف هونوا (١) بأحكام الله ، ليتهيأ لهم القياس ، والاستحسان في دين الله.
ثم إن هذا الخبر يدل على أن بالنوم لا تثبت الأحكام ، ويمكن أن يخص بابتداء شرعيتها ، ورأيت في بعض أجوبة العلامة رحمهالله عما سئل عنه تجويز العمل بما يسمع في المنام عن النبي ، والأئمة عليهمالسلام ، إذا لم يكن مخالفاً للإجماع ، لما روي من أن الشيطان لا يتمثل بصورتهم وفيه إشكال.
قوله عليهالسلام : « فأنزل الله » هذا تفصيل لما أجمل سابقاً ، وعود إلى أول الكلام ، كما سيظهر مما سيأتي ، فالفاء للتفصيل لا للتعقيب ، والأنوار تحتمل الصوريَّة والمعنوية ، والأعم منهما ، وأما نفرة الملائكة فلغلبة النور على أنوارهم ، وعجزهم عن إدراك الكمالات التي أعطاها الله نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، كما قال صلىاللهعليهوآله : « لي مع الله وقت لا يسعني ملك مقرب ولا نبيّ مرسل » الخبر. ويؤيّد المعنويّة قول الملائكة : ما أشبه هذا النور بنور ربّنا ، وعلى تقدير أن يكون المراد الصوريّة ، فالمعنى ما أشبه هذا النور بنور خلقه الله في العرش ، وعلى التقديرين لمّا كان كلامهم وفعلهم موهماً لنوع من التشبيه ، قال جبرئيل : الله أكبر تنزيهاً له عن تلك المشابهة ، أي : أكبر من أن يشبهه أحد ويعرفه ، وقد مرّ تفسير الأنوار في شرح كتاب التوحيد ، والتكرير للتأكيد ، أو الأوّل لنفي المشابهة ، والثاني لنفي الإدراك.
وقال الجزري : « سبوح قدّوس » يرويان بالضمّ والفتح ، والفتح أقيس ، والضمّ أكثر استعمالاً ، وهو من أبنية المبالغة ، والمراد بهما التنزيه.
وتثنية التكبير (٢) يمكن أن اختصاراً من الراوي ، أو الزيادة بوحي آخر ... أو يكون من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كزيادة الركعات
__________________
١ ـ هكذا في الأصل والصحيح « تهاونوا ».
٢ ـ يريد قول جبرائيل : « الله أكبر الله أكبر » في هذا الخبر أول كلمات الأذان والمعروف أن التكبير أربعة في أوله. والظاهر أنه الأذان انظر كمال الدين ١ | ٢٥٥.